الاثنين، 25 أبريل 2011

حقائق لابد من قولها .


بقلم عبد الله يحيى العلفي



برغم سوء حكم علي عبد الله صالح من وجهة نظري حيث غلب عليه الطابع الفردي وغاب عنه المنهج المؤسسي القانوني والتنظيمي الإداري الرشيد. ورغم إدراكي الذي لا يخالجه شك أن الفساد وماترتب عنه من مشكلات معقدة أصابت مختلف مناحي الحياة العامة والخاصة   هو نتيجة طبيعية لسوء هذا الحكم . و قناعتي التي ملأت عقلي بأن نظام سلطته دخل الشيخوخة منذ نصف عقد على الأقل ووجب تغييره بنظام فتي حديث يستوعب متغيرات العصر  . رغم كل هذا إلا أن ضميري الذي يسكن وجداني وامانتي التي تحكم أفكاري وأقلامي تحول دون إنكار الحقائق أو التغاضي عنها . تلك الحقائق التي تعمل بعض الأقلام المتكلسة على تشويهها متأثرة بما تحمله من توجهات سياسية وفكرية معارضة .

من هذه الحقائق ما يجب الإفصاح عنه حفاظا على نزاهة الثورة الشبابية وعرفانا للرعيل السابق من أبناء الوطن الذي انجبنا وترعرعنا على خيراته :
أولاً: لم يحكم الصالح اليمن بالقوة ولا بتزوير الإنتخابات كما يزعم البعض:
1. هو أول رئيس يمني أستلم السلطة من الرئيس السابق (عبدالكريم العرشي) بتصويت مجلس الشعب له وليس بالإنقلاب ،وكان  محل اجماع معظم القوى الساسية التقليدية والحديثة في اليمن الشمالي.
2.  أختاره النظام الجنوبي لليمن رئيساً للجمهورية اليمنية بعد تحقيق الوحدة  طوعا وليس كرهاً ولا بقوة السلاح ، كما كان محل إجماع كافة القوى الساسية الأخرى في الشمال والجنوب .
3. تجددت ولايته بأغلبية مجلس النواب عام 1993 ولم يشكك أحد في نزاهة تلك الانتخابات رغم التنافس الشديد بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الأشتراكي ، وفوز الأول على الأخير .
4. رغم نشوب الحرب عام 1994 إلا أن علي عبدالله صالح لم يكن قادراً على الفوز لولا الاتفاف الشعبي  الجنوبي والشمالي الكبير الذي منحه شرعية الحرب للحفاظ على الوحدة الوطنية .
5. تجددت ولايته عام 1999 بأغلبية عظمى في أول انتخابات رئاسية مباشرة ، كان فيها محل اجماع المؤتمر الشعبي والإصلاح ومعظم الأحزاب المعارضة باستثناء الحزب الأشتراكي الذي قاطع الانتخابات آن ذلك . 
6. رغم أن المؤتمر عمل على تصفير الدورات الرئاسية من خلال التعديلات الدستورية التي مددت فترة الرئاسة من خمس سنوات إلى سبع سنوات ، إلا الأستفتاء على التعديلات كانت بمشاركة كافة الأحزاب السياسية باستثناء الأشتراكي ، ولم يطعن أحد بنتائجها .
7. عام 2006 حصل الصالح على أغلبية بنسبة 77% في انتخابات ساخنة بين المؤتمر والمشترك شهد لها العالم أجمع بما في ذلك المشترك الذي كان شريكا في اللجان الانتخابية كما كان مراقباً على كل الصناديق من خلال ممثلين عنه أثناء عملية الاقتراع والفرز. والذي أعترف بنتائجها رسمياً . ليكون الصالح بذلك رئيساً شرعياً للشعب اليمني حتى عام 2013م . 
هذه الحقائق تكفي لنسف الدعاوي المأزومة القائلة بأن علي عبد الله صالح ترأس اليمن بطرق غير مشروعة أو بتزوير صناديق الانتخابات كما يشاع اليوم .

ثانياً  كان عهد علي عبدالله صالح في السلطة مرحلة تأريخية ضرورية لليمن رغم سلبيات النظام ، وهذه الحقيقة تتضح من خلال الآتي :


1ـ في عهد الصالح توقفت الصراعات الداخلية بين القوى السياسية اليسارية والقوى التقليدية (القبلية والإسلامية) ، كما توقفت حركات التمرد في المناطق الوسطى من شمال اليمن ... ليشارك الجميع في صياغة الميثاق الوطني وتأسيس المؤتمر الشعبي العام  والمشاركة في الحكم وتحقيق الاستقرار .
2ـ في عهد الصالح تحققت الوحدة الوطنية التي توجت الإرادة الشعبية للشطرين ، وانهت الصراعات بين القوى السياسية الجنوبية المتنازعة على السلطة .
3ـ في عهد الصالح سنت القوانين والتشريعات التي تكفل التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة .
4ـ في عهد الصالح اعترف الحزب الاسلامي (التجمع اليمني للاصلاح)  بالحزب الاشتراكي اليساري ليكونا معاً في كيان سياسي موحد بعد أن كان الأول يتهم الثاني بالكافر بينما كان الثاني يتهم الأول بالرجعي.
5ـ في عهد علي عبدالله صالح شهدت اليمن تطوراً كبيراً في المنشآت والبنى التحتية المختلفة ، كما تحققت العديد من المنجزات التنموية ، وإن كانت تفتقر للموارد البشرية التشغيلية  ما أدى إلى سوء استخدامها في بعض الأحيان .
إذن من خلال  الحقائق السابقة  أزعم أن ثورة الشباب اليوم تمثل نقطة النهاية لعهد مضى من تأريخ اليمن  كان ضرورياً للمرحلة السابقة واصبح غير صالحاً للعصر الذي نعيشه ، وفي نفس الوقت  تمثل الثورة نقطة البداية لعهد جديد  يستوعب متغيرات العصر ويواكب تطوراته ، تقوده كوكبة من الدماء الجديدة الشابة  خلفاً للرعيل السابق من الآباء المخلصين لله وللوطن  ليس بالإنقلاب على الشرعية الدستورية ولا بالجحود على منجزاته التاريخية مهما كانت السلبيات السابقة ، إنما بإصلاح الأخطاء حيث وجدت مع التمسك بمكتسبات الديمقراطية التي حققها الشعب .

إنه لمن المخجل والمعيب أن تظهر هذه الثورة الفتية بأقبح ما فينا من قيم وأخلاق غير مرموقة كاستخدام الألفاظ البذيئة في التعبير عن الرأي ،ورفع شعارات لا تليق بشباب يمثل عصر الحرية والتعايش الخلاق ، وتزييف الحقائق ونكران الماضي ، وتلفيق التهم الباطلة  والتسويف والوعيد ، ورفض الخيارات الممكنة والتمسك بخيارات غير مقبولة أخلاقياً. والأسوأ من هذا وذاك الدعوة للعودة إلى ما قبل العهد السابق عهد الإنقلابات العسكرية والمؤمرات السياسية ، وتصفية الحسابات القديمة وإزاحة  القوى السياسية المنافسة  عن المسرح السياسي تحت مبرر التطهير بإسم الثورة الشعبية ليحلوا للحزب الجديد أن يخوض انتخابات برلمانية ورئاسية مضمونة ليس فيها ند ينافسه على صناديق الاقتراع .

حقاً إنه تراجع مخزي لشعب حقق تقدماً ملموساً في تأريخه السياسي والاجتماعي أن يرفض التغيير من خلال صناديق الاقتراع أيا كانت أسبابه بعد أن خاض عدد من الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية واختار الصندوق حكما للشرعية الدستورية في التداول السلمي للسلطة ، وشهد تنافسات مشرفة لكل أبنا الوطن السعيد أمام المجتمع الدولي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق