الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

أم الصبيان الإلهة الأنثى (ليليت)


بقلم عبدالله يحيى العلفي


دفعني فضول الباحث الاجتماعي الى البحث عن اصول اسطورة ( أم الصبيان ) المشهورة في اليمن. الجنيّة الجميلة ذات الشعر الطويل الأسود التي تغوي الرجال.. وحين فتشت عنها في الاساطير القديمة عرفت من تكون ، إنها (ليليت) الإلهة الأنثى .
أسطورة أزلية تعيش في كل زمان ومكان تتجسد في كل امرأة تأبى أن تخضع لسلطة الرجل وهيمنة الزوج على حياتها . الأنثى التي أثارت إعجاب كل الرجال على مدى التاريخ رغم تشويه سمعتها.

قالوا أنها أمّ النار و أنها ابنة ابليس وأنها الظلام و أنها العهر و الانحطاط و وانها تفترس الأطفال وأنها تثير شهوة الرجال وتنشر الفساد في الحياة 

وقال آخرون عنها أنها سيّدة الكون الأولى وأنها خُلقت من طين كما خُلق آدم و أنها نورٌ من نار و أنها الأنوثة الكاملة و أنها أوّل من ضاجعها آدم و أنها أيضاً ..  أوّل من طالبت بالمساواة بين الرجل و المرأة
و أوّل من فصحت عن حقّها في وضعيات العلاقة الجنسية بين رجل و امرأة



تقول بعض الكتابات أنها أسطورة خيالية ..  مثلها كمثل الأساطير السومرية و البابلية وبعضهم يعود بها للأساطير الإغريقية و البعض الآخر للأساطير العقائدية اليهودية وغيرهم إلى التراث الفارسي .

كتب عنها الروائي الشهير فيكتور هوجو و أيضاً الفيلسوف الشاعر بودلير والفرنسي الشهير أناتول فرانس والشاعرة اللبنانية جمانة حداد والشاعر البحريني أحمد رضي و غيرهم كثيرون

فمن هي ليليت ؟

 جاء ذكرُ ليليت في الميثولوجيات السومرية والبابلية والأشورية والكنعانية، كما في العهد القديم والتلمود. تروي الأسطورة أنّـها المرأة الأولى، التي خلقها الله مع آدم قبل حواء ، لكنّها رفضت الخضوع لآدم وسئمت الجنّة، فتمرّدت وهربت ورفضت العودة. آنذاك نفاها الربّ إلى ظلال الأرض المقفرة، ثم خلق من ضلع آدم المرأة الثانية حوّاء. 
أسطورة ليليت (أمازونة ما بين النهرين كما تصفها الكتابات الحديثة )أو أفروديت اليونانية أو فينوس الرومانية هي حكايتها مع القطب الآخر.أسطورتها هي أسطورة الحفاظ على حقوق المرأة والرجل معا.

 ولدت ليليت في أساطير الألف الثالث قبل الميلاد في البانثيون السومري. اسمها يعني الهواء والنفس والروح ، والليل الذي اقترن بلفظ ليليت. إلا أن سيطرة السلطة الذكرية جعل من اسمها يدل على العنف والظلام، فانقلبت سمعتها من مربية أطفال إلى قاتلة. ثم ارتبطت بالشجرة المحرمة والأفعى والبومة، التي انقلبت رموزها أيضا، فالأفعى رمز الشفاء صارت رمزا للفناء والبومة التي ترمز للحكمة صارت ترمز للخراب وبالرغم من بطش الرجل بها، بقيت تحمل معالم الربة في كل آثارها الباقية: وجه جميل ، نظرٌ وحنون وقوام ممشوق وحوض واسع.
يرى السرد اليهودي أن ليليلت هي الزوجة الأولى قبل حواء، وقد خلقها الله بنفس الطريقة  التي  خلق  بها  آدم من طين.  غير  أن  آدم  وليليت  لم  يتفقا  مع  بعضهما  أبداً.  فلم  تكن  ليليت  مستعدة  للخضوع  لآدم  وقد  بررت مطالبتها  بالمساواة  مع  آدم  بأنها  قد  خلقت  من  التراب  نفسه  الذي  خُـلق  منه  آدم.  وقد  عبرت  ليليت  عن  مساواتها  مع  آدم  من  خلال  امتـناعها  عن  أن  يلقي  آدم جسده  فوقها  أثـناء  ممارسة  الجنس. وطالبت أن تكون هي الفاعل الجنسي  بحيث تـلقي جسدها  فوق  آدم وليس العكس.  قاد  امتـناع  ليليت  عن  الخضوع  لآدم  الى  قلقه  وغضبه.  وأدت  حدة  الخلافات  بـينهما  إلى  هروب  ليليت  من  الجنة .
تروي السرديات اليهودية حكاية فرار ليليت إلى البحر الأحمر وتشكيل رب اليهود لجنة من الملائكة لإقناعها بالعودة إلى آدم فلم تنجح.
بعد أن رفضت ليليت العودة إلى الجنة ، يحكى  أن آدم اشتكى لربه   بأنه  قد  مل  البقاء  وحيداً،  حلت  رحمة اللّه عليه،  فخلق له حواء ولكنه  لم يخلقها من التراب كما خلق ليليت، وإنما  من  احد  أضلاعه لتكون  خاضعة  وليس  مساوية  له ونتيجة  لهذا  فقد  كان من  الممكن  أن  يحل  الود  والوفاق  الدائم  بـين  الزوجين  في  الجنة،  من  خلال  وجود  جنس  مسيطر  وجنس  خاضع لو  لم  تـتدخل  ليليت  ـــ التي ظهرت في صورة أفعى ـ لتغري  حواء  بأن تقنع آدم  أن يأكل التفاح، فكانت سبباً في معصية آدم وحواء لله وإخراجهما من الجنة. وتؤكد الروايات أن الله عاقب ليليت بأن أبقاها إلى الأبد تظل  غاوية  شهوانية  وقاتلة  أطفال وان  تعيش  في الأماكن  الموحشة  والمقفرة.


قبل السرد اليهودي كانت ليليت في المثيولوجيا السومرية  إلهة المهد الراعية للأطفال في ظلمة الليل الحالك كشعرها الأسود الطويل ولذلك سميت أم الصبيان في كثير من المناطق اليمنية . هي الأنثى ذات الصدر والورك المستديرين، رمز الخصب التي تدعوها الأم مساءً لتحمي رضيعها الصغير في إغفائه بعينها الساهرة المقدسة. وهذه العين الزرقاء مازالت تستخدم حتى اليوم في تعويذات تضعها نساء الشام التقليديات دون وعي لأصلها المثيولوجي كي تدرأ الحسد. وكانت الربة عنات أو إنانا في مثيولوجيات شعوب أخرى، هي عدوتها التي تحالفت مع الذكور من الآلهة لتحطيم شعبيتها، فشوّهت سمعتها لتصبح ليليت (التي غنت لها النساء منذ ستة آلاف سنة فوق أسرّة الصغار، الأغنية الشعبية المتداولة حتى الآن: "يا ليل يا عين".. أي يا مساء ليليت ربة المهد الحارسة في الظلام، ويا عينها العاطفة الحانية والساهرة على أطفالنا ...) أصبحت الآن شهوانية شريرة تخنق الأطفال بشعرها الذي كان أرجوحةً لهم تهدهدهم قبل النوم، وغدت رموزها كالأفعى والبومة رمز الفتنة والحكمة والصبر ذات دلالات سوداوية تحيل إلى القبح والخبث والدهاء والنحس.. وأصبحت إنانا الآن ربة الجمال والخصب، بانتخاب الآلهة الذكور، الذين اشترطوا أن يحددوا هم مفهوم الجمال الذي مثّله الآن الجسد الخالي من أي ملمح خصب، باعتبار أن نقيصة الرجل اللاواعية هي عجزه عن الحمل أو الخلق بمعنى أوسع، فالنحول والأثداء الصغيرة والشعر الأشقر المناقض لشعر ليليت الفاحم هو الآن مثال الجمال عند المرأة في المجتمع المنقلب إلى الأبوي
          تفسر بعض السرديات غيرة الذكر من ليليت لمعرفتها اسم الله الخفي السري أو الأعظم، فلا يوجد مخلوق عرف اسم الله سوى المرأة بحسب الأساطير اليهودية والفرعونية، فإيزيس (ليليلت المصرية) تعرف اسم الله، وهي أسطورة تدل على محاولة المرأة استعادة سلطتها المفقودة, دليل ذلك زي رجال الدين النسائي الذي يدل على سلطتها القديمة.
وتروي "الزوهار" اليهودية أن ليليت قابلت الله، وهي سرديات تدل على تقديس المرأة اليهودية للربة ليليت. المانوية الفارسية تشير إلى ليليت أيضا، فالزنبق هو الاسم الفارسي لها، وتأخذ وردة مريم العذراء اسما آخر في الكوميديا الإلهية لدانتي هي وردة "الفردوس الناصعة البياض".
في اليونانية تأخذ ليليلت اسم إليثيا، وتوجد دلائل قديمة على عبادة الربة إيليثيا أمنيسوس في جزيرة كريت، أما في ليبيا فتأخذ ليليت اسم لميا ابنة بيلوس، التي تعاملها الميثولوجيا اليونانية المتأخرة معاملة قاسية بتصوير جذعها والأطراف على شكل أفعوان وثديييها على شكل ضروع جاموس، وتطلق عليها لقب "آكلة لحوم البشر". رومانسية جون كيتس تتغنى بأفعى تقع في حب شاب جميل فتتحول إلى حسناء فتان وتظهر لميا الليبية في أحد المواقع النسوية المعاصرة على شكل خنثى.
وفي إحدى قصائد اليونانية سافو تأخذ ليليت اسم غيلو (الغول) التي تخطف الأطفال. في كل التاريخ القديم العفريت الذي يخطف الأطفال أنثى؟ وهذه دلالة على أن ملكية الأطفال كانت الموضوع الأول في مرحلة انتقال سلطة الأم إلى سلطة الأب. ليلى تشير إلى ليليت العربية، الذي ظل اسمها يتردد حتى أواخر العصر الأموي، وفي العصر العباسي تراجع أمام اسم زمرد. تغيّر تسريحة الجواري إلى الغلمانية لم يغير لحن أغنية يا ليل يا عين الذي ظل مستقرا.
وفي العصر الحديث يمكن القول أن ليليت ساهمت في في تأسيس العديد من الحركات النسوية، التي ناضلت ضد السيطرة الذكورية غير المحقة، المستمدة من الميثولوجيا القديمة، التي اعتبرت المرأة شر مطلق. وقد اتخذت بعض هذه الحركات "ليليت" أسماء لها، للتعبير عن رغبة المرأة المعاصرة في التحرر من هيمنة الرجل  . وقد أكدت بعض الكتابات المعاصرة أن الحركات النسوية المعاصرة أنحصرت أسلحتها في سلاحين: أولهما العودة إلى الأديان القديمة، فمئات المواقع النسوية تستعير أسماء الربات القديمة الوثنية مثل ليليت وعشتار واينانا واناهيد … والسلاح الثاني هو الجنس، اقوي أسلحة المرأة، ويجري باستعادة بابو (ممثلة الدعارة في فوست غوته) وإيزومي اليابانية (في الأساطير اليابانية تنبت حقول الأرز بضحكاتهن الماجنة) من أجل تجديد الحياة لا من أجل متعة الرجل.
عربياً تجسدت ليليت في ديوان الشاعرة اللبنانية جمانة حداد الذي أثار ردود أفعال متباينة بين إعجاب عميق ورفض مطلق . وقد عبرت الشاعرة عن التحامها بليليت في إحدى المقابلات الصحفية بقولها " ليليت بالنسبة لي ليست اسطورة بالمعنى المتعارف عليه للكلمة. هي حقيقية حدّ أنني أستطيع الكلام معها ومعانقتها وتأنيبها وقرص خدّيها وتمشيط شعرها الطويل. هي حقيقية لأنها أنا، ولأنها كل امرأة تفكّر وتعيش حياتها مثلي، متلذذة بالتهام أيامها ولياليها كما تلتهم النيران وليمة الغابة. هي المرأة القوية، المستقلة، الصريحة، النهمة، المتمردة على الطاعة العمياء وعلى حلم الكمال المضجرإنها في آن واحد التفاحة والمحرّضة على أكل التفاحة. وهي بالتأكيد ليست قناعا لي، فأنا اظهرتُ مرارا، على مرّ كتاباتي، جرأتي لا بل فجاجتي في قول ما أريد قوله وفي إضاءة صوري وبروقي الداخلية، وليس عندي أي مشكلة في التعبير عن أفكاري واقتناعاتي بصدقجلّ ما في الأمر هو أني أردتُ من خلال استخدام اسمها ورمزها أن أجمع تحت جنحها كل النساء اللواتي ينتمين الى جوهرها، كي لا تقتصر عليّ وحدي. ولمن يتوهّم أنها ستارة أختبىء وراءها، ها أنني أعلن بصوت عال وقوي: ليليت هي أنا، أفكارها أفكاري، خطابها خطابي، قصّتها قصّتي، وجسدها جسدي" .
عابد إسماعيل أحد عمالقة النقد الأدبي اختتم تعليقه على ديوان عودة ليليت بقوله " إذا كانت  ليليت قد عادت من أرض الظلال لتمنح جسدَها لغةً جديدة، وتمنح لغتَها أفقاً جديداً، خارج سلطة الأنا المتسلّطة للتقاليد والأعراف، فإنها، لا ريب، عادت في  إهاب قصيدة "أنثوية" جاذبة، تعاملت معها الشّاعرة حدّاد برهافة وأناة، وجمعت غبار معانيها من نصوص متشابكة، قديمة وحديثة، في تجسيد لافت لخصوبة المخيلة  الشعرية، وطاقتها التي لا تنضب" إنه تعبير صريح بترحيب الرجل المعاصر بعودة ليليت.

في الختام أضع للقارئ شيءً من ديوان (عودة ليليت) للشاعرة اللبنانية جمانة حداد ، تاركاً له الفضاء واسعاً لقراءة ما بين السطور .


مبتدأ أول
أنا ليليت المرأة القَدَر. لا يتملّص ذَكَرٌ من قدري ولا يريد ذكرٌ أن يتملّص.

أنا المرأة القَمَران ليليت. لا يكتمل أسوَدهما إلا بأبيضهما، لأنّ طهارتي شرارةُ المجون وتمنّعي أول الاحتمال. أنا المرأةُ الجنّة التي سقطت من الجنّة وأنا السقوط الجنّة.

أنا العذراء ليليت، وجه الداعرة اللامرئي، الأم العشيقة والمرأة الرجل. الليلُ لأني النهار، والجهة اليمنى لأني الجهة اليسرى، والجنوب لأني الشمال.

أنا المرأة المائدة وأنا المدعوون اليها. لُـقبّتُ بجنّية الليل المجنحة، وسمّاني أهل سومر وكنعان وشعوب الرافدين إلهة الاغراء والرغبة، وسمّوني إلهة اللذة المجانية وشفيعة الاستمناء. حرّروني من شرط الانجاب لأكون القَدَر الخالد.

أنا ليليت النهدان الأبيضان. لا يقاوَم سحري لأنّ شَعري أسوَد طويل وعينيّ عسليتان. جاء في تفسير الكتاب الأول أني من ترابٍ خُلقتُ، وجُعِلتُ زوجة آدم الأولى فلم أخضع.

أنا الأولى التي لم تكتفِ لأنّها الوصال الكامل، الفعل والتلقي، المرأة التمردُ لا المرأة الـ نعم. سئمتُ آدمَ الرجل وسئمتُ آدمَ الجنة. سئمتُ ورفضتُ وخرجتُ على الطاعة. عندما أرسل الله ملائكته لاستعادتي كنتُ ألهو. على شاطىء البحر الأحمر كنتُ ألهو. شاؤوني فلم أشأ. روّضوني لأتروّض فلم أتروّض. أنزلوني الى المنفى لأكون وجع الشرود. جعلوني الرهينةَ للقفر من الأرض والفريسةَ للموحش من الظلال، وطريدةَ الكاسر من الحيوان جعلوني. عندما عثروا عليَّ كنتُ ألهو. لم أستجب فشرّدوني وطردوني لأني خرجتُ على المكتوب. وعندما طردوني بقي آدمُ زوجي وحيداً. وحيداً ومستوحشاً وشاكياً ذهب الى ربه، فخلق له ربّهُ امرأةً من ضلعه تُدعى حوّاءَ وسمّاها النموذج الثاني. لتطرد الموت عن قلبه خلقها، وتَـضْمَن استمرار الخلق.

أنا ليليت المرأة الأولى، شريكةُ آدمَ في الخلق لا ضلع الخضوع. من التراب خلقني إلهي لأكون الأصل، ومن ضلع آدمَ خلق حواء لتكون الظل. عندما سئمتُ زوجي خرجتُ لأرثَ حياتي. حرّضتُ رسولتي الأفعى على إغواء آدمَ بتفاح المعرفة، وعندما انتصرتُ أعدتُ فتنة الخطيئة الى الخيال ولذة المعصية الى النصاب.

أنا المرأةُ المرأة، الإلهةُ الأم والإلهةُ الزوجة. تخصّبتُ لأكونَ الإبنة وغوايةَ كلّ زمان. تزوّجتُ الحقيقةَ والأسطورةَ لأكون الإثنتين. أنا دليلةُ وسالومي ونفرتيتي بين النساء، وأنا ملكةُ سبأ وهيلانةُ طروادة ومريمُ المجدلية.

أنا ليليت الزوجةُ المختارة والزوجةُ المطلّقة، الليلُ وطائرُ الليل، المرأةُ الحقيقةُ والأسطورةُ المرأة، عشتار وأرتيميس والرياح السومرية. ترويني اللغات الأولى وتفسّرني الكتب، وعندما يرد ذكري بين النساء تمطرني الأدعيةُ باللعنات.

أنا العتمة الأنثى لا الأنثى الضوء. لن يحصيني تفسير ولن أرضخ لمعنى. وَصَمتني الميتولوجيا بالشرور ورشقتني النساء بالرجولة، لكني لستُ المسترجلة ولا المرأةَ اللعبة، بل اكتمال الأنوثة الناقصة. لا أشنّ حرباً على الرجال ولا أسرق الأجنّة من أرحام النساء، فأنا الشيطانة المطلوبة، صولجان المعرفة وخاتم الحب والحرية.

أنا الجنسان ليليت. أنا الجنس المنشود. آخذ لا أُعطى. أعيد آدمَ الى حقيقته، والى حواء ثديها الشرس ليستتبّ منطق الخلق.

أنا ليليت المخلوقةُ الندّ والزوجةُ الندّ

ما ينقص الرجل كي لا يندم

وما

ينقص

المرأة

كي

تكون.

***

مختارات من القصيدة
أنا ليليت إلهةُ الليـلَين العائدةُ من منفاها.

أنا ليليت العائدةُ من سجن النسيان الأبيض، لبوءة السيّد وإلهة الليـلَين. أجمعُ ما لا يُـجمع في كأس وأشربه لأنّي الكاهنة والهيكل. لا أترك ثمالةً لأحد كي لا يُـظنَّ ارتويت. أتجامعُ وأتكاثرُ بذاتي لأصنع شعباً من ذريتي، ثم أقتلُ عشّـاقي كي أفسح للذين لم يعرفوني.

أنا ليليت المرأةُ الغابة. لم أعرف انتظاراً يُـرجى لكنّي عرفتُ الأسُود وأصناف الوحوش الأصيلة. ألقّح جميع أنحائي لأصنع الحكاية، أجمع الأصوات في رحمي لـيكتمل عدد العبيد. آكل جسدي كي لا أُعيَّر بالجوع وأشرب مائي كي لا أشكو عطشا. ضفائري طويلة من أجل الشتاء وحقائبي غير مسقوفة. لا يرويني شيء ولا يشبعني شيء، وأعود لأكون لبوءة الضائعين في الأرض.

من ناي الفخذين يطلع غنائي

الأنهرُ من شبقي

فكيف لا يكون مدٌّ

كلّما افترّت شفتاي العموديتان عن قمر؟

أنا ليليت سرُّ الأصابع حين تلحّ. أشقُّ الطريق وأكشفُ الأحلام وأشرّعُ مدن الذكورة أمام طوفاني. لا أجمع اثـنين من كل جنس بل أكونهما كي يرجع النسل نقياً من كل طهر.

غرورُ النهدين أنا

صغيران لينموا ويضحكا

ليطالبا ويؤكلا

نهداي مالحان

شاهقان لا أبلغهما

قبِّـلوهما عنّي.

لي عرشُ بلقيس وتاجُ كليوباترا

لي كتابُ نرسيس ورؤوسُ يوحنّا

ليس من رداءٍ أتدثّر به سوى فمي

جنسي المحجور عليه في أعماق الرأس

محجورٌ عليه ليظلّ يطالب.

أنا ليليت الملاكُ الماجنة. فرس آدم الأولى ومفسدة ابليس. الحيية لأنّي حورية البركان والغيور لأني وسواس الرعونة الجميل. لم تحتملني الجنّة الأولى فطُردتُ لأرمي فتنةً في الأرض وأدبّر في المخادع أحوال رعيتي.

أنا اللبوءةُ المغوية أعودُ لأصحّح ضلوع آدم وأحرّر الرجال من حواءاتهم.

أنا ليليت العائدةُ من منفاها لأرثَ موتَ الأم التي أنجبتُـها

*
أختيرَ النص من موقع الشاعرة نفسها "جمانة حداد" ".

هناك 4 تعليقات:

  1. هذا كفر ومجون وتلبس بالشياطين والجان بل تحريض على الكفر والفسق والمجون رجاءاً إذا كنتم مسلمين لا تنشروا مثل هذه الأشياء بدعوى الحرية تذكروا قول الله تعالى ( مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) هدانا الله وإياكم لما فيه خيري الدنيا والآخرة وجزاكم الله خير
    a_kader50@hotmail.com

    ردحذف
  2. أخي العزيز شكرا على التعليق ، ولكن هذا بحث قمت به بأسلوب علمي كان الهدف الرئيس منه التعرف على منبع اسطورة أم الصبيان اليمنية ، واذا بي اكتشف ان الجنية (ام الصبيان) هي نفسها ليليت الاسطورة السومرية التي شوهتها الكتب اليهودية ..
    ما قرأته عن اسطورة ليليت ليس من عقلي انما من مصادر بحثية مختلفة ...

    ردحذف
  3. مشكور اخي 'عبد الله يحيى العلفي' الموضوع الرائع

    ردحذف
  4. الأخ الذي نشر التعليق الأول متخلف. الأستاذ عبد الله شكرا لك وسلمت اناملك, البحث رائع والموضوع مفيد

    ردحذف