بقلم : عبدالله يحيى العلفي
يعتقد البعض أن نجاح الثورة يتحقق بمجرد إسقاط الأنظمة الأستبدادية ليكون يوم السقوط هو يوم العيد الوطني للثورة فيما بعد . وهو الخطأ الفادح الذي وقعت فيه الشعوب العربية في ثوراتها الأولى منذ منتصف القرن العشرين. فقد ثارت الشعوب وأسقطت انظمة استبدادية وأعتقدت أنها بذلك حققت ثوراتها بنجاح ، بينما حل محل الأنظمة الاستبدادية المخلوعة أنظمة أكثر استبداداً وقمعا للشعوب وتحت شعار "حكم الشعب نفسه بنفسه " أو إن صح التعبير "جلد الشعب نفسه بنفسه". فرغم أن كلمة جمهورية أضيفت إلى اسماء الدول الثورية إلا أن أيً من تلك الجماهير الشعبية لم تغير حكامها عبر صناديق الاقتراع كما لم تختار أي حاكم عبر نفس الصناديق. بل ظلت حتى يومنا هذا أسيرة الدائرة الانقلابية لمن أطلقوا على أنفسهم بـ "مجلس قيادة الثورة".
إن القول بـ "أن الشعب يحكم نفسه بنفسه" يعني في شكله ومضمونه أن الشعب يختار ويغير حكامه عبر انتخابات شعبية، حرة ونزيهة ، مفتوحة ومنتظمة، لا يُقصى منها أحد ، في ظل مناخ يسوده الأمن والسلام والحرية والتنافس الخلاق والمتكافئ بين مختلف القوى.
لقد حققت الثورة السلمية اليمنية مكتسبات عظيمة أهمها زلزلة أركان النظام السابق بلا رجعة (وإن كنت متمسك بسلمية الثورة وأدين بشدة مجزرة جامع الرئاسة التي استهدفت الرئيس ومن معه من قيادات الدولة) ولا أظن أن من مصلحة الثورة تمييع المرحلة القادمة بخلافات تشكيل مجلس رئاسي ثوري انتقالي تفكك الصفوف وتخرج الثورة عن مسارها طالما النائب يتقلد السلطة للمرحلة الانتقالية والدستور يدعم أهداف الثورة. وأزعم أن أهم ما ينبغي أن تركز عليه المرحلة القادمة للثورة هو الدفع بقوة نحو اقامة انتخابات مبكرة (في أجواء سلمية ومستقرة) وفقا للدستور لا يشارك فيها الرئيس السابق ولا نائبه ولا أحد من أبنائه وأقاربه. وتشارك فيها جميع الأحزاب السياسية دون أن يقصى منها أحد. فالأنتخابات وحدها هي التي ستعطي الشعب شرعية من يختاره ليبدأ التصحيح والبناء وترسيخ النظام والقانون والأمن والأستقرار ودحر الفساد وفلوله، ومحاكمة الطغاة والمارقين ... إلخ وبالتأكيد من أختاره الشعب حاكما يعرف أن سلطته أكتسبها من شعبه وبالتالي هو ليس زعيم الثورة ولا قائد الوطن المبجل ولا باني الوطن البار وحامي حماه المؤبد، هو رئيس يحكم برغبة الشعب لفترة زمنية محددة . فلا تأبيد ولا توريث ، وأي رئيس عليه أن يلبي رغبات وطوحات وأهداف محكوميه خلال فترة رئاسته.
إذا نجح الشعب اليمني في ذلك أقول فعلا تحققت الثورة الوطنية وأصبح "الشعب يحكم نفسه بنفسه " وهو مالم تحققه الشعوب العربية منذ فجر الثورات الأولى في النصف الثاني من القرن العشرين.
إذا نجح الشعب اليمني في ذلك أقول فعلا تحققت الثورة الوطنية وأصبح "الشعب يحكم نفسه بنفسه " وهو مالم تحققه الشعوب العربية منذ فجر الثورات الأولى في النصف الثاني من القرن العشرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق