بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل: (واعْتَصِموا بحَبْلِ اللهِ جميعاً ولا تَفَرَّقوا) [آل عمران:103] والقائل: (وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) [الأنفال:46] والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه القائل: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات « بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ». " رواه مسلم ، وبعــــد :
فقد ناقش علماء اليمن ما يجري على الساحة اليمنية من قضايا ومشكلات، وقياما بواجبهم نحو دينهم وشعبهم فإنهم يبينون الأمور التالية :
أولا: المشكلة في اليمن وأسبابها :
فقد شهدت اليمن في الفترة الأخيرة تطورات وأحداثاً خطيرة كادت أن تعصف بالبلاد ـ لولا لطف الله تعالى ـ، سفكت فيها الدماء المحرمة مما أدى إلى استشهاد عدد من الشباب ، وجرح وإعاقة عدد آخرين وخاصة في ساحات الاعتصام السلمية في معظم المحافظات اليمنية ، وقد استنكر ذلك جمع كبير من أبناء الشعب اليمني وقياداته وفي مقدمتهم العلماء وشيوخ القبائل والقيادات العسكرية والسياسية والدبلوماسية والفكرية وعدد من الوزراء والمحافظين وأعضاء مجلسي النواب والشورى ، كما يستنكر العلماء ماجرى بعدها من مواجهات دامية في كثير من المحافظات اليمنية كان القتل فيها جماعيا وبصورة لا يقرها شرع ولا دستور ولا قانون و كان منها المواجهات التي وصلت إلى العاصمة صنعاء وإلى دار الرئاسة وإلى بيت من بيوت الله تعالى ولم ينج منها كبار قيادات الدولة بما فيهم رئيس الدولة الذي تم نقله إلى الخارج لتلقي العلاج، والذي كان قد هدد في وقت سابق أكثر من مرة بوقوع حرب أهلية وتمزق للبلاد إلى دويلات.
كل هذا مع ما حصل من إلحاق الضرر بعموم أبناء الشعب اليمني من شلل للحياة العامة و تردٍّ للأوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع أسعار السلع الضرورية وانعدام الغاز والمشتقات النفطية وتردي الخدمات الصحية والتعليمية وانفلات الأوضاع الأمنية وتقلص سيطرة الدولة عن عدد من المحافظات بالإضافة إلى ارتفاع مستوى الفقر والبطالة رغم وفرة الموارد المتعددة للدولة ووجود الثروات الهائلة التي أودعها الله تعالى في هذه البلاد، وقد حذر كبار المستشارين السياسيين للرئيس من هذه الأوضاع المتردية وظهور ملامح الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي أصبح معلوماً على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
كل هذه الأوضاع كانت ناتجة عن السياسات الخاطئة في إدارة شؤون البلاد والاستبداد في اتخاذ القرارات بشأنها وتعطيل مؤسسات الدولة عن القيام بمهامها وواجباتها ومسؤولياتها،
ثانيا: عجز الرئيس عن القيام بمسؤولياته :
لقد حملت هذه الأوضاع كثيراً من أبناء الشعب اليمني ـ وفي مقدمتهم العلماء والمعتصمون في الساحات وغيرهم من مختلف القيادات المدنية والعسكرية ـ على التصريح بأن الرئيس قد عجز عن إدارة البلاد والقيام بمسؤلياته ، وأن عليه أن يتنحى ويسلم السلطة، وقد أيد هذا المطلب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وجهات إقليمية ودولية .
لأجل هذا وغيره فإن الضرورة تدعو اليوم للسير في هذا الطريق درءاً للمفاسد وحقناً للدماء وإنقاذاً للبلاد من الدخول في فوضى عارمة وحفاظاً عليها من المخاطر.
ثالثا: الوضع الدستوري الجديد:
ونظراً للتداعيات الأخيرة وحالة الرئيس الصحية التي استدعت خروجه للعلاج خارج البلاد ، لا سيما وقد أعلنت مصادر أمريكية أن إصابات الرئيس فوق ما كان متوقعا ، كما وردت معلومات من جهات موثوقة أنه في حالة صحية تجعله عاجزاً عن القيام بمسؤولياته ، لذا نطالب الجهات المطلعة على حالته الصحية في الداخل والخارج تعريف الشعب اليمني بذلك وعدم إخفاء الحقائق عن شعب يحتاج إليها خصوصا وقد دخلت البلاد في وضع دستوري جديد تولى فيه نائب الرئيس مهام الرئيس كاملة وفقاً للمادة (116) من الدستور، والذي أصبح بموجبها رئيساً للجمهورية بالنيابة .
رابعا: واجبات نائب الرئيس (رئيس الجمهورية بالنيابة) :
وفي ظل هذا الوضع الدستوري الجديد يقوم رئيس الجمهورية بالنيابة مع حكومة مؤقتة بإدارة شؤون البلاد وبما أوجب عليه الدستور من إجراء انتخابات رئاسية خلال ستين يوماً، وقد اتفق ذلك مع ما كان قد دعا إليه رئيس الجمهورية لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وقال إنه لن يكون هو فيها مرشحاً ولا أحد من أولاده، وبناءً عليه فإن قيام رئيس الجمهورية بالنيابة بهذه المهمة الدستورية هو واجب الوقت الذي يجمع كلمة اليمنيين وقواهم ، ويجنبهم مزالق التشرذم والنزاع ، ويصونهم من مغبات الحرب الأهلية والاقتتال ؛ لأنه حل دستوري في دستور قائم لم يلغ ولم يعلق فهو ملزم للجميع ، وكل عاقل محب لوطنه حريص على جمع كلمة أبناء اليمن لا بد أن يقف مع هذا الحل الدستوري الملزم للجميع .
كما يجب على رئيس الجمهورية بالنيابة أن يبادر خلال الأيام القليلة القادمة وبالتوافق مع سائر القوى اليمنية بتشكيل حكومة مؤقتة لإدارة البلاد والإعداد والإشراف على الانتخابات الرئاسية المذكورة سابقاً ، و ما تستلزمه من تشكيل لجنة عليا للانتخابات يرتضيها الجميع وما تحتاج إليه من وقت يتم التوافق عليه لتصحيح سجلات الناخبين ، وكذا التوافق على قانون للانتخابات يحقق للشعب انتخابات حرة ونزيهة وآمنة .
ويجب على الرئيس بالنيابة أن يقوم بتطبيق ما قرره الدستور من استقلالٍ للقضاء وفصلٍ للسلطات بعقد مؤتمر للقضاة يتم فيه انتخاب مجلس أعلى للقضاء يشرف على القضاء مالياً وإدارياً وقضائياً حتى يجد جميع الناس مرجعاً قضائياً مستقلاً يطمئنون إليه في فصل خصوماتهم وحل نزاعاتهم.
وعلى رئيس البلاد بالنيابة أن يقوم بحل أي مشكلة قد تحدث خلال هذه الفترة مع الحكومة المؤقتة وبالتشاور مع الجهات ذات الاختصاص.
خامسا: حق الشعب وواجبه في اختيار رئيسه الجديد :
وعودة هذا الحق إلى الشعب في اختيار رئيسه هو ما أمر الله به في كتابه فقال سبحانه :{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58]، وقال صلى الله عليه وسلم : (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) . رواه مسلم ، وسيفضي القيام بهذا الأمر – بإذن الله تعالى – إلى انتخاب الشعب للرئيس الجديد الذي سيسلم له الجميع ؛ لتخرج اليمن من مأزقها ومحنتها ويصل أبناؤها إلى بر الأمان.
سادسا: نصائح وتوجيهات لجميع أبناء الشعب :
يؤكد علماء اليمن على أهمية الالتزام بما يلي/
1ــ حرمة الدماء المعصومة وعظيم جرم من يتجرأ على سفكها بغير حق ، قال تعالى: ({وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } [النساء: 93]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: " لزوال الدنيا جميعا أهون على الله من دم يسفك بغير حق " أخرجه البيهقي ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً " وقال ابن عمر رضي الله عنهما : ( إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله ) رواه البخاري.
2ــ الحفاظ على وحدة الشعب اليمني المسلم وتعميق روابط الأخوة والمحبة بين أبنائه فهم شعب يجمعهم رب واحد ونبي واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة وعلى الجميع أن يعملوا على إزالة كل المظالم والضغائن والأحقاد التي قد تعلق بالنفوس نتيجة بعض المواقف والأحداث.
3ــ التحلي بالصبر والحلم ومكارم الأخلاق والبعد عن روح الانتقام اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن المصابين والمظلومين لن يكونوا خيراً من النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وأصحابه وكذلك المخالفون لهم لن يكونوا شراً من كفار قريش الذين رزق الله بعضهم الخير وحسن العاقبة.
4ــ العمل على توحيد الجهود ورص الصفوف والتوجه بروح فريق العمل الواحد مع الجهات ذات العلاقة لتحقيق الأمن والاستقرار وحماية الممتلكات العامة والخاصة التي لا يجوز الإضرار بها أو التعدي عليها بأي حال من الأحوال استجابة لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
5ــ تجميع كل الجهود والطاقات الخيرة والاستفادة منها بما يحقق الخير للأمة والمصلحة العليا للبلد وبناء مستقبل واعد على أسس متينة ومنهجية علمية صحيحة مسترشدين في ذلك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومستفيدين بما هدى الله إليه الإنسانية من علوم ومعارف حضارية مادية رشيدة.
6ــ التزام وسائل الإعلام المختلفة – المرئية والمسموعة والمقروءة - بالصدق و بالآداب الشرعية في خطابها الإعلامي والبعد عن كل ما يثير الأحقاد والضغائن وإشعال نار الفتنة ويفرق كلمة المسلمين عملاً بقول الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا } [الإسراء: 53]وقوله سبحانه: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83].
ويذكـِّرُ علماء اليمن جميع أبناء الشعب اليمني بأنه لا سعادة ولا أمن للبلاد والعباد ولا اجتماع للكلمة ولا مخرج من الفتن إلا بتحكيم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل الحاكمية العليا لله وحده كما قال صلى الله عليه وسلم محذراً من عدم تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: " و ما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز و جل و يتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم " . صححه الألباني .، و التشريع حق خالص لله تعالى وحده وهو عبادة لا يشاركه فيها أحد كما قال تعالى : {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [يوسف: 40]، ومن يأبَ حكم الله تعالى أو يؤثر التحاكم إلى غيره يقع في الكفر كما قال تعالى : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} [المائدة: 44]ولا يتحقق الإيمان للعبد إلا بتحكيم شرع الله والتسليم له كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}النساء: 65
سابعا: الشعب والسلطة في الدستور القائم :
وأما حق الشعب في امتلاك السلطة والذي يراد به أن يقوم الشعب باختيار الحاكم و وجوب مشاورة الحاكم لشعبه و حق الشعب وواجبه في مراقبة حكامه ومقاضاتهم وعزلهم إن فرطوا أو خانوا الأمانة فهو مطلب شرعي كلف الله به الأمة فقال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، وقد تضمن الدستور القائم هذه المعاني وأمثالها مما تحتاج إليه الأمة في رقيها وحضارتها وعدلها وتقدمها وأمنها واستقرارها وكرامة أفرادها وضمان إقامة الحق فيما بينها، ولا يشوب الدستور القائم إلا تلك التعديلات التي أدخلها الحاكم المستبد وفق أهوائه ورغباته، كما أن الدستور يتضمن من المرونة ما يجعله قابلاً لأي تعديل حذفاً أو إضافة بما يحقق المصلحة العامة للأمة وبما لا يتنافى مع ديننا الإسلامي الحنيف ، ويؤكد العلماء هنا على وجوب تثبيت المواد الدستورية المتعلقة بالدين الإسلامي أو التي تؤكد على الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها وجعل هذه المواد جامدة ( ثابتة ) غير قابلة للتبديل أو التعديل أو الاستفتاء لأن الإسلام لا يجوز تبديله أو تعديله أو الاستفتاء عليه ، والشعب اليمني بحمد الله تعالى كله شعب مسلم لا يقبل شيئا من ذلك ، ويجب أن تذكر المبادئ التالية في كل وثيقة وطنية عامة تحدد هوية الأمة وثوابتها كالدستور وأهداف الثورة ، وهذه المبادئ هي :
1ـ الإسلام دين الدولة ، قال تعالى :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) [المائدة/3]) .
2ـ الكتاب والسنة والإجماع هي مصادر الدين الإسلامي التي يجب التمسك بها ، ولا يجوز الخروج عليها . قال تعالى: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم [الزخرف/43]) وقال تعالى ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [الحشر/7]، وقال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) [النساء/115] .
3ـ الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات ، قال تعالى : (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِين ) [الجاثية/18، 19]
4ـ العلماء المجتهدون هم الذين يُرجع إليهم في بيان الدين وأحكامه قال تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون [النحل/43])قال تعالى : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ) [النساء/83] .
5ـ اليمن دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية ، قال تعالى : (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ [المؤمنون/52]).
ثامنا: تحيات من علماء اليمن :
هذا وإن علماء اليمن ليحيون أبناءهم وإخوانهم المعتصمين المرابطين في ساحات الاعتصام والثابتين أمام الاعتداءات الغاشمة والظالمة بصدور عارية والذين جعلهم الله سبباً في تغيير أحوال اليمن، سائلين الله تعالى أن يجعل هذا التغيير نحو مزيد من الإيمان والتقى وإقامة شرع الله تعالى وإقامة دولة الإسلام الحضارية الشوروية المعاصرة القائمة على العدل والعمل المؤسسي وحفظ الحقوق المشروعة والتي يجب أن تكون من أهم أهداف الثورة الشعبية السلمية.
و يتقدم العلماء بالشكر لقيادات وأفراد القوات المسلحة والأمن الذين أعلنوا انضمامهم ودفاعهم عن الثورة السلمية وعن المعتصمين في ساحات الاعتصام وبذلوا جهودهم في سبيل استتباب الأمن وحماية الحقوق المشروعة لأبناء الشعب اليمني، ونطالب من تبقى من قيادات وأفراد القوات المسلحة والأمن بالالتحاق بإخوانهم الذين سجلوا أنصع صفحات البطولة في تاريخ اليمن المعاصر.
كما نتقدم بالشكر للقبائل اليمنية ومشايخها الذين انضموا للثورة السلمية ووقفوا صفاً واحداً في الدفاع عن الثورة والبلاد وسجلوا المواقف البطولية وعرَّفوا العالم بالدور المشرف لقبائل اليمن الأبية في الدفاع عن القيم والثوابت.
و يشكرون أيضا سائر القوى السياسية وغيرها من القوى الفاعلة التي وقفت مع شعبها ودافعت عن الثورة السلمية وتعاملت مع كثير من المواقف بتعقل وإيجابية.
تاسعا: دعوة علماء اليمن :
يدعو علماء اليمن جميع أبناء الشعب اليمني حكاماً ومحكومين إلى ما يلي :
1. الالتفاف حول القيادة الدستورية الجديدة المتمثلة في رئيس الجمهورية بالنيابة ليتمكن من إنجاز مهامه الدستورية وأن يحافظوا على الأمن والاستقرار وسيادة البلاد ووحدتها وأن يعملوا على إشاعة السلام والأخوة في ربوع اليمن وأن يتعاونوا على الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة والتصدي لأي محاولة تخريبية تثير الفتن وتضر بمصالح البلاد والعباد وتخل بالأمن وتقلق السكينة العامة
2. التعجيل برفع القوات العسكرية والأمنية التي قامت بقصف المساكن وقتل المدنيين والاعتداء عليهم في العاصمة صنعاء وعدن وتعز وغيرها من المدن اليمنية ، ونقلها إلى أماكن أخرى مناسبة بعيدة عن المدن .
3. التركيز على مزيد من التوعية الدينية والفكرية لتحصين القوات المسلحة والأمن من أي تعبئة خاطئة حتى لا يُستباح ما حرم الله، وحتى يكون ولاؤها لله ولرسوله وللشعب اليمني وليس لفرد أو أسرة أو حزب، وحتى لا يسهل تضليلها بالأفكار الباطلة، وأن يضع فريق من العلماء والضباط وأهل الاختصاص من الخبراء السياسيين والقانونيين المنهج لذلك.
4. إنشاء إدارة عامة للتوجيه الديني في القوات المسلحة والأمن قياما بالواجب الشرعي تجاه إخواننا وأبنائنا من قيادات وأفراد القوات المسلحة والأمن .
5. دعوة جميع قبائل اليمن شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً إلى تكوين ائتلاف لقبائل اليمن وتشكيل مجلس أعلى لهذه القبائل يقوم بتوحيد جهودها، وإصلاح أوضاعها وحل مشاكل الثارات بينها وتحقيق التعاون على البر والتقوى فيما بينها ، ولتسهم في بناء يمن الإيمان والحكمة والدفاع عن دينها وبلادها .
6. دعوة الدولة للقيام بواجبها في توفير السلع الضرورية والمشتقات النفطية والخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وغيرها لرفع المشقة والمعاناة عن أبناء الشعب اليمني .
7. دعوة إخواننا التجار للقيام ببذل جهودهم في توفير السلع الضرورية للشعب وإرخاصها وعدم الاحتكار الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بقوله : (لا يحتكر إلا خاطئ ) رواه مسلم
8. دعوة الدولة للقيام بتحمل مسؤولياتها في البحث عن المفقودين من المعتصمين وإطلاق المسجونين والمختطفين ومعالجة الجرحى والمصابين حتى يتم شفاؤهم ، وتعويض جميع المتضررين تعويضا عادلا .
9. إقامة ندوات موسعة وحوارات شاملة تفضي إلى عقد مؤتمر عام يشارك فيه جميع من ساهم في الثورة ، وخاصة العلماء والمعتصمين في ساحات التغيير والمفكرين وسائر القيادات السياسية والقبلية والعسكرية ورجال المال والأعمال للاتفاق على أهداف ومبادئ جامعة للثورة الشعبية السلمية يجتمع عليها أبناء الشعب اليمني وتحقق طموحاته وتطلعاته .
10. يطالب العلماء ببقاء الاعتصامات السلمية في ساحاتها ووقوف بقية أبناء الشعب إلى جانبها حتى تتحقق جميع الأهداف والمطالب المشروعة للثورة.
عاشرا: إعلان وتحذير :
عندما سمع علماء اليمن عن تحركات عسكرية أجنبية تستهدف غزو بلادهم واحتلال أرضهم أقلقهم ذلك وحملهم على التذكير بما صدر عنهم من فتوى سابقة بأن الجهاد يصبح فرض عين على جميع أبناء اليمن القادرين إذا نزل العدو الغازي على أرضهم ويعلنون مرة أخرى رفضهم لأي تدخل عسكري في بلادهم ينتهك سيادتهم، ويدعو العلماء جميع أبناء الشعب اليمني حكاما ومحكومين و جيشا وشعبا لتوحيد صفوفهم وجمع كلمتهم ليتمكنوا من الحفاظ على سيادتهم واستقلال بلادهم ورد أي عدوان عليهم .
أحد عشر: شكر وتقدير :
يتوجه علماء اليمن بالشكر والتقدير لعلماء البلاد العربية والإسلامية وسائر قيادات تلك البلاد ومفكريها وإخواننا من قيادات وأبناء دول الخليج العربي الذين اهتموا بقضايا إخوانهم في اليمن وندعوهم أن ينحازوا إلى قضايا الشعب اليمني ومطالبه العادلة وإلى المزيد من المساندة الدائمة لأبناء الشعب اليمني في هذه المرحلة الحرجة والظروف العصيبة التي تمر بها اليمن.
كما يدعو علماء اليمن جميع أبناء الشعب اليمني وفي مقدمتهم المشايخ والوجهاء والخطباء والدعاة وطلاب العلم وأصحاب الفكر والرأي وكافة قيادات البلاد إلى تأييد هذا البيان والعمل على نشره وتطبيقه في أنحاء البلاد.
نسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلوب المسلمين أجمعين وأن يجمع كلمتهم على الحق والدين وأن يحقن دماء المسلمين في اليمن وفي سائر بلاد المسلمين وأن يشفي جرحانا ويتقبل شهداءنا ويغفر ذنوبنا ويتجاوز عن زلاتنا وأن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين كافة والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صادرعن علماء اليمن
يوم الأربعاء 6 رجب 1432هـ الموافق 8/6/2011م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق