الأربعاء، 30 يوليو 2014

جرعة الانقاذ الوطني

بقلم عبدالله يحيى العلفي :


الجرعة اجراء ضروري لانقاذ خزينة الدولة من الإفلاس الحتمي . فبعد ان نفذت حكومة الوفاق سلسلة من العمليات المتهورة التي ادت الى تحميل الخزينة العامة أعباء مالية ثقيلة وباهضة لا تعود بمردود على الدولة كتوظيف اكثر من 120 الف في الامن والجيش والمؤسسات الحكومية المدنية ، وانشاء صناديق لتعويض ابناء الشهداء الجنوبيين وابناء شهداء صعدة  ،علاوة على الانفلات الامني وفشل الحكومة في حماية الاقتصاد الوطني من الاعمال الارهابية والتخريبية والتي كبدت الدولة خسائر اقتصادية فادحة خاصة الاعتداءات التخريبية التي طالت أنابيب النفط، والتي ادت الى تراجع عائدات اليمن من قيمة الصادرات النفطية. وكان البنك المركزي قد كشف بيانات توضح أن حصة الحكومة جراء تلك الإعتداءات، تراجعت إلى ثلاثة ملايين و150 ألف برميل خلال الفترة الربع الاول من العام الحالي، مقارنة مع ستة ملايين و480 ألف برميل في الفترة المقابلة من 2013، بانخفاض قدرة ثلاثة ملايين و330 ألف برميل. على إثر ذلك، انخفضت عائدات اليمن من قيمة الصادرات خلال الربع الاول من 2014 إلى 348 مليون دوﻻر، قياساً بـنحو 731 مليون دوﻻر خلال الفترة المقابلة من العام الماضي، وبتراجع قدره 383 مليون دوﻻر. كما ان الاعمال الارهابية احدثت شللا كبيرا في القطاعات الاقتصادية الاخرى خاصة السياحة .. كما فشلت الحكومة في تحصيل الضرائب من التجار بسبب الاوضاع الامنية الصعبة في معظم محافظات الجمهورية ... الخ .
كل ذلك عرض خزينة الدولة الى عجز مالي كبير وضعها امام خيارات صعبة : اما ان تستنزف الاحتياطي العام لتغطية العجز الذي تواجهه الدولة وبالتالي انهيار العملة الوطنية امام العملة الصعبة ، او رفع الدعم عن المشتقات النفطية ووضع مصفوفة معالجات للسيطرة على الاوضاع مستقبلاً ، ولا شك ان الخيار الثاني انجع من الخيار السابق. بشرط ان يتم تغيير حكومة الوفاق بحكومة وطنية لا تخضع للمحاصصة الحزبية والسياسية.
ما شهدته العاصمة صنعاء اليوم من اعمال عنف واحراق للإطارات في الشوارع هو عمل عدواني مجحف يجرح ويلوث ويشوه مدينة تتوق الى ان تكون ذات يوم مدينة جميلة كباقي مدن العالم.
لا شك أن سياسة حكومة الوفاق الفاشلة اجهضت الدولة وجعلتها على وشك الافلاس، ومع ذلك فإن وجود سيولة في خزينة الدولة خير من افلاسها والمواطن الشريف عليه ان يتحمل من اجل انقاذ الوطن. بشرط أن يقوم هادي بإقالة حكومة الوفاق الحالية وتعيين حكومة كفاءات وطنية .. ما لم فإن جرعته لن تنقذ اليمن بشيء .

انقاذ اليمن لا يمكن ان يتحقق من خلال حكومة تتقاسمها قوى سياسية غايتها الوحيدة القضاء على بعضها . اليمن تحتاج حكومة وطنية قادرة على معالجة اختلالات الدولة واستثمار موارد البلاد الطبيعية والبشرية والصناعية بحكمة ورشد وكفاءة بعيدا عن الاهواء الحزبية ، والسياسات الكيدية .. 
بشكل محدد انقاذ اليمن يتطلب حكومة قادرة على القيام بما يلي 

  • تبني استراتيجية امنية تضمن تحقيق الامن والاستقرار وحماية الاقتصاد الوطني.
  • تبني استراتيجية اقتصادية تضمن معالجة الاختلالات الراهنة التي تعاني منها القطاعات الاقتصادية المختلفة .
  • تطبيق نظام اداري ومالي يمنع الفساد ويحقق الاصلاحات المنشودة.
  • الحفاظ ع سعر العملة وتامين استقرارها.
  • توفير الخدمات العامة للمواطن بمستوى جيد خاصة الكهرباء والمياه والصحة والتعليم.
  • رفع رواتب الموظفين ولو تدريجيا
  • توسيع مشاريع الاشغال العامة للبنية التحتية من اجل استيعاب اكبر عدد من الايدي العاملة. 
  • التمهيد لاقامة الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها.


الأربعاء، 16 يوليو 2014

وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ

بقلم: عبدالله يحيى العلفي

تعج السجون اليمنية بأناس جريمتهم انهم معسرين غير قادرين على دفع ما عليهم من ديون او ديات أو احكام مالية.. مايدل على اننا أمة بعيدة كل البعد عن افضل القيم الانسانية التي حث عليها الاسلام ، يقول تعالى(وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة:280

يتفق جمهور الفقهاء انه لا يجوز الضغط على المعسر بسداد الدين حتى لو كنت في أمس الحاجة للمال ، يقول تعالى (لا يكلف الله نفساً الا وسعها). لأن الضغط على المعسر قد يكون سبباً يدفعه الى ارتكاب جريمة السرقة او القتل أو التزوير أو غير ذلك من الاعمال الاجرامية ، خاصة اذا كان مهددا بدخول السجن او بيع بيته الذي يأوي أولاده أو حتى تشويه سمعته أمام الناس ، في حال عدم القدرة على سداد الدين في الوقت المحدد.
لا شك أن إقراض انسان لإنقاذه من مشكلة او مأزق صفة كريمة، وعمل خيري عظيم قل أن تجده عند الكثير من الناس، لكن هذا الخير يصبح ظلماً فادحاً إذا ترتب عليه إيذاء شخص أنت تعلم انه غير قادر على سداد الدين في الوقت المحدد لظروف خاصة احاطت به ، والظلم يعد من كبائر المحرمات. قال ابن رشد (ان مطالبة المعسر بسداد الدين ظلم، لأنّ المطالبة بالدّين إنّما تجب مع القدرة على الأداء, فإذا ثبت الإعسار فلا سبيل إلى المطالبة, ولا إلى الحبس بالدّين, لأنّ الخطاب مرتفع عنه إلى أن يوسر) انتهى قول ابن رشد .. ورد الامام الشافعي على هل يؤاخذ المعسر اذا ماطل بالدين؟ بقوله: ( لو جازت مؤاخذته لكان ظالماً، بل إنّ ابن العربيّ قال: إذا لم يكن المدين غنياً, فمطله عدل, وينقلب الحال على الغريم, فتكون مطالبته ظلماً, لأنّ اللّه تعالى قال {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}. ) انتهى قول الشافعي.
لا يمكن ان يكون الكريم لأيماً ، إذا أتى وقت السداد ولم يُدفع له، تراه يغضب ويرغد ويزبد، ويتحدث عن الشخص الذي ديّنه بما لا يليق ، ويشوهه عند الناس وينشر عنه سمعه ليست طيبة كأن يقول انا فعلت خيراً وهو خذلني ، أو هذا رجل مماطل فانتبهوا منه ولا تقرضوه، وربما يطلبه عبر قسم الشرطة ، ويتسبب في سجنه، بل بعضهم يصل به الحد إلى أن يضربه أو يهينه ويشتمه ويسبه بين الناس، هذه أخلاق مشينة لا يمكن ان تكون من اخلاق الصالحين. أين هؤلاء من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم: (ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة). وحديث : (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ). صحيح مسلم.
ألف تحية للغرفة التجارية بأمانة العاصمة التي انشأت صندوقاً مخصصاً لمساعدة المعسرين في السجون اليمنية، إنه عمل إنساني عظيم. فافضل الاعمال انفعها الى الناس، وأنفع الأعمال أن تفرج هم اخيك المسلم اذا تعسر عليه الحال .

الأحد، 13 يوليو 2014

نظرية القرود الخمسة

بقلم عبدالله يحيى العلفي 


هي نظرية ساخرة متداولة لها ابعاد ودروس اجتماعية عظيمة

يقال ان مجموعة من العلماء أجروا تجربة على خمسة قرود . جمعوها في قفص كبير، وفي وسط القفص وضعوا سلم وفي أعلى السلم بعض الموز.
وكلما صعد أحد القرود على السلم لأخذ الموز يقوم العلماء برش باقي القرود بالماء البارد، وهكذا حتى اصبحت القرود تقوم بضرب أي واحد منها يحاول الطلوع لأخذ الموز ضربا مبرحاً كي لا يرشها العلماء بالماء البارد
استمرت القرود الخمسة حريصة على عدم صعود السلم لأخذ الموز.  وبعد فترة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم بالرغم من كل الإغراءات خوفاً من القرود الباقية.
بعدها قام العلماء بتبديل أحد القرود الخمسة بقرد جديد
حاول القرد الجديد أن يصعد السلم ليأخذ الموز , لكن بقية القرود سارعوا بضربه ضرباً مبرحا وأجبروه على النزول قبل ان يصل الى الموز ، وكلما حاول الصعود لأخذ الموز تعرض للضرب المبرح حتى فهم أن من يحاول الطلوع لأخذ الموز سيضرب ضربا مبرحا ، فالتزم بعدم الطلوع دون ان يعرف لماذا تفعل القرود ذلك.
بعد فترة قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد ثاني،  و حل به ما حل بالقرد الجديد الذي سبقه حتى أن القرد السابق شارك زملائه بضرب القرد الجديد كلما حاول صعود السلم.
وهكذا استمر العلماء بعملية التبديل حتى بدلوا جميع القرود الخمسة القديمة (التي بدأوا معها التجربة) بقرود جديدة لم تتعرض للرش بالماء البارد اطلاقا , ومع ذلك ظلت القرود الجديدة تمنع بعضها من الوصول الى الموز وتضرب أي قرد تسول له نفسه الصعود على السلم ضرباً مبرحا رغم انها لا تعرف اطلاقاً لماذا يجب ضرب القرد الذي يصعد على السلم؟
لو فرضنا أننا سألنا القرود الجديدة: لماذا تضربون القرد الذي يصعد على السلم؟
لأجابت القرود: لا ندري ولكن هذا ما وجدنا به الأولين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحقيقة ان المجتمعات التي مازالت تمارس العادات والتقاليد القديمة بصرامة مقدسة لا تختلف عن تلك القرود اطلاقاً ..
لو سألنا أنفسنا مثلاً : لماذا يجب على نساءنا لبس العباية السوداء عندما تكون في الأماكن العامة او تمشي في الشارع ، بالرغم ان هذه العباية بهذا اللون تسبب للمرأة معاناة كبيرة خاصة في المناطق الحارة؟
لن تجدوا غير جواب واحد لهذا السؤال وهو نفس اجابة القرود سابقاً (هذا ما وجدنا به الأولين).
كذلك في حياتنا العملية ، هناك مدراء يمارسون ضغوط على موظفيهم تقتل الملكات الابداعية في الموظف وتحوله الى آلة لا تفكر ولا تبدع ولا تتطور مما ينعكس سلباً على مخرجات العمل ، فقط لأن هذا الاسلوب في التعامل مع الموظفين هو ما وجدنا به الأولين..

إذن نحن أمة جامدة لأننا نخشى من التجديد والتغيير في سلوكنا ومعتقداتنا وعلاقاتنا الاجتماعية وأعمالنا ، واسلوب تربيتنا لأبنائنا .. لأننا نفكر بمنطق من سبقونا بعشرات القرون ، ونعتقد ان مخالفة من سبقونا بدعة يجب منعها.

عنترة بن شداد في زمن الرشاش الحديث


بقلم : عبدالله يحيى العلفي

يمر الزمان بعد الزمان وعلماء الدين الاسلامي مشغولون بتأييد مذاهبهم الدينية أمام غيرهم ، ليس بفكر جديد انما بتكرار نفس الأدلة النصية التي استخدمها السابقون في مجادلة من يخالفوهم الرأي والمذهب ، وفي كل الازمان لا يقتنع احدهم بما يقول الاخر ، وكل منهم ينسب الى الاخر صفة المكابرة والمغالطة والخروج عن الدين ..
كم هو مؤسف أن تكون العلوم الدينية هي العلوم المهيمنة على منطق وتفكير الانسان المسلم في القرن الواحد والعشرين ، أن يكون رجال الدين هم من يطلق عليهم اسم (علماء الامة( والمؤسف اكثر ان هؤلاء (العلماء) مازالوا حتى يومنا هذا يفنون عمرهم الطويل في دراسة (علوم الدين) وفي الاخير لا تزيد محصلة دراستهم عن ما جاء به من سبقوهم من علماء القرن العاشر الميلادي في مختلف شئون الحياة الإنسانية. 
مثل هؤلاء يشبههم الدكتور علي الوردي في كتابه (مهزلة العقل البشري) بالذي يقضي عمره في ممارسة السيف والرمح وغيرهما من أسلحة الحرب القديمة ، ويعتقد انه سيفتح بها الدنيا . مع العلم انه يعيش في عصر اصبحت فيه هذه الاسلحة توضع في المتاحف ليتفرج عليها الناس.
(علماء الامة) في عصرنا هذا يشبهون ابطال الأساطير القديمة من طراز عنترة بن شداد، يجيدون فنون السيف ولكنهم يواجهون جندياً يحمل رشاشاً سريع الطلقات ... ربما لهم الحق ان يمدحوا سيوفهم وينسبوا لها قيم الفضيلة والشجاعة ، ويتحدثوا عن الرشاش بكل ابجديات النقد والذم ويعتبروه سلاح الجبناء .. في الاخير الحقيقة التي لا جدال فيها أن جندي الرشاش هو الذي ينتصر في المعركة.
أنا لا الوم رجال الدين كونهم يدافعون عن معتقداتهم فهذا واجبهم ، انما الومهم على اصرارهم بـأنهم سيفتحون الدنيا ويهزمون الامم المتقدمة بمنطق وعلوم القرون القديمة.