الجمعة، 28 أكتوبر 2011

عيد الرعب .. الهالويين (Halloween )





 الأرواح الشريرة اليمنية مدعوة للاحتفال بعيد الهالووين في أمريكا الذي يقام سنويا في تأريخ 31 اكتوبر .. فلتذهب بلا عودة . يكفي تسعة أشهر من المرح بسفك دماء المواطنين الأبرياء والعبث بمكتسبات الوطن.

ما هو الهالويين (Halloween )  ؟

هو احتفال يقام في ليلة 31 أكتوبر من كل عام. ويعد هذا اليوم عطلة سنوية وبشكل خاص في الولايات المتحدة كندا آيرلندا وبريطانيا وأجزاء أخرى من العالم.

تعود جذوره إلى آيرلندا وامتدت إلى اقامة مهرجان السلتيك في سامهاين. وصدف ان موعد الهالووين ياتي مع احتفال المسيحيين بعيد يوم جميع القديسين ويعتبر اليوم احتفالا علمانيا تغلق الدوائر الرسمية في الدول الغربية وغيرها أبوابها للاحتفال به. وتشمل الأنشطة المرافقة لعيد الهالويين الخدع، وارتداء الملابس الغريبة والأقنعة، وتروى القصص عن جولات الأشباح في الليل. وتعرض التلفزيونات ودور السينما بعض أفلام الرعب.

في الولايات المتحدة يحتفل الأمريكيون بهذا العيد من مختلف الثقافات والأديان، ويقوم العامة فيه بتزيين البيوت والشوارع باليقطين والألعاب المرعبة والساخرة.
ويتنكر الجميع من كبار وصغار لكي لا تعرفهم الأرواح الشريرة حيث تقول الأسطورة بأن كل الأرواح تعود في هذه الليلة من البرزخ إلى الأرض وتسود وتموج حتى الصباح التالي. ويتنقل الأطفال من بيت لآخر وبحوزتهم أكياس وسلال لتملأها بالشوكولاته والحلوى في طقس يعرف باسم خدعة أم حلوى ، ومن لا يعطي الأولاد المتنكرين الشوكولاته وحلوى الكاراميل "تغضب منه الأرواح الشريرة".

وهوليوود لم تتأخر عن هذا فقد أنتجت عشرات الأفلام عن الهالويين، منها أفلام رعب، كوميديا سوداء إضافة لأفلام كرتون للأطفال. كما تنشط مصانع الألعاب والحلويات والمحال التجارية حيث تحقق مناسبة الهالوين نشاطا تجاريا وزيادة في الإنتاج.


السبت، 22 أكتوبر 2011

نص قرار مجلس الأمن رقم 2014 بشأن اليمن




السبت, 22-أكتوبر-2011
( الوطن ) - صوت مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة السبت بالإجماع على قرار قدمته بريطانيا وحلفائها الأوربيين رقم 2014 للعام 2011 بشان اليمن يدعو الرئيس علي عبد الله صالح للتنحي من السلطة وفق خطة قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي و إدانة أحداث العنف التي حدثت في اليمن منذ اندلاع الاحتجاجات في فبراير الماضي ويدعو لمحاسبة المسؤولين عنها..وحث الجماعات المعارضة كافة إلى لعب دور كامل وبناء فى الاتفاق على تنفيذ تسوية سياسية على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجى، ويطالب جميع المجموعات المعارضة الامتناع عن العنف، والكف عن استخدام القوة لأغراض سياسية.

قرار مجلس الأمن الدولي حول اليمن :

إن مجلس الأمن يذكر ببياناته الصحفية الصادرة بتاريخ 24 سبتمبر 2011، و 9 أغسطس 2011، و24 يونيو2011، فإنه يعرب عن قلقه البالغ بخصوص الوضع في اليمن، مرحبا بتصريحات أمين عام الأمم المتحدة بشأن اليمن الصادرة في 23 سبتمبر2011 التي حث فيها كل الأطراف للتعامل بطريقة بناءة للوصول إلى حل سلمي للأزمة الحالية.

وإذ يرحب بما تقوم به دول مجلس التعاون الخليجي، فإنه يجدد تأكيده على مساندة ودعم جهود أمين عام مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة السياسية في اليمن.

ويرحب أيضا بالمشاركة المستمرة بالنسبة للمساعي الحميدة التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة بما فيها الزيارات التي يقوم بها مستشاره الخاص.

وأخذا بالاعتبار توصيات [قرارات] مجلس حقوق الإنسان بشأن اليمن في دورته الثامنة عشرة، (a/hrc/res/18/19)، فإنه يؤكد الحاجة لإجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة وشاملة تنسجم مع المعايير الدولية إزاء الإساءات وانتهاكات حقوق الإنسان المزعومة، مع التأكيد أيضا على وجهة نظر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن عدم منح أية حصانة لضمان المحاسبة الكاملة، وبهذا الخصوص يشير مجلس الأمن إلى المخاوف التي أعربت عنها المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

أن المجلس أيضا في الوقت الذي يبدي فيه ترحيبه بالبيان الصادر عن الاجتماع الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في 24 سبتمبر/ايلول 2011، والذي دعا فيه الرئيس صالح إلى التوقيع الفوري وكذا تنفيذ المبادرة التي تبنتها دول مجلس التعاون الخليجية، فإنه يدين استخدام القوة ضد المتظاهرين العزل، ويدعو إلى ضبط النفس، وإلى الالتزام الفوري والكامل بوقف إطلاق النار وتشكيل لجنة للتحقيق في الإعمال التي قادت إلى قتل أشخاص يمنيين أبرياء.

إن مجلس الأمن ليعرب عن قلقه البالغ بشأن الحالة الأمنية المتدهورة، بما في ذلك الصراعات المسلحة، والحالة الإنسانية والاقتصادية المتدهورة بسبب عدم وجود أي تقدم فيما يتعلق بالتسوية السياسية السلطة، وكذا بسبب إمكانية الانزلاق نحو مزيد من تصعيد العنف.

ويعرب عن قلقه البالغ أيضا بشأن ارتفاع أعداد الأشخاص النازحين واللاجئين داخليا في اليمن، وكذا ارتفاع نسب سوء التغذية المرعبة بسبب الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، وكذا الانقطاع المتزايد للإمدادات والخدمات الاجتماعية الأساسية، وزيادة صعوبة الحصول على المياه الآمنة والرعاية الصحية.

كما يعرب المجلس عن قلقه الشديد بشأن التهديد المتصاعد من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وخطر الهجمات الإرهابية الحديثة في بعض المناطق اليمنية، وعليه يجدد المجلس تأكيده بأن الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهرة يشكل واحدا من أخطر التهديدات على الأمن والسلام العالميين وأن أية أعمال إرهابية تعتبر مجرمة وغير مبررة بغض النظر عن دوافعها.

ويدين المجلس كافة الهجمات الأخرى والإرهابية ضد المدنيين وضد السلطات، بما فيها تلك التي تهدف إلى تعريض العملية السياسية في اليمن للخطر، كالهجوم الذي تعرضت له صنعاء في 3 يونيو 2011.

وإذ يذكر المجلس الحكومة اليمنية بمسئولياتها الرئيسية في حماية شعبها، فإنه يشدد بأن حل الأزمة الراهنة في اليمن يأتي عبر عملية سياسية شاملة تقودها اليمن نفسها، وبحيث تستجيب بشكل عملي لتطلعات ومطالب الشعب اليمني المشروعة.

ويجدد المجلس تأكيد دعمه للمرسوم الرئاسي الصادر بتاريخ 12 سبتمبر/ أيلول، والمخصص لإيجاد اتفاقية سياسية مقبولة لجميع الأطراف، وتضمن انتقال ديمقراطي وقانوني للسلطة، التي يدخل بضمنها إجراء انتخابات مبكرة.

وفي الوقت الذي يجدد فيه المجلس تأكيد التزامه الراسخ بوحدة، وسيادة واستقلال وسلامة الأراضي اليمنية، فإنه يشدد على أهمية أمن واستقرار اليمن، محترما كافة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب بشكل خاص.

وإذ يضع في اعتباره مسئوليته الأساسية في صيانة الأمن والسلام العالمين بموجب ميثاق الأمم المتحدة، فإن مجلس الأمن، وبناء على ما تأكد له من التهديدات التي تواجه الاستقرار والأمن الإقليمي المتمثل بتدهور الوضع في اليمن في ظل غياب تسوية راسخة، فإنه:

1- يعرب عن أسفه العميق بشأن مقتل المئات من المدنيين، بما فيهم النساء والأطفال.

2- يدين بشدة استمرار انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطة اليمنية، كالاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين وبالمثل تماما يدين أعمال العنف، واستخدام القوة، وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل الجهات الأخرى، ويشدد على أن كافة أولئك المسئولين عن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان يجب أن يتحملوا المسئولية.

3- يدعو كافة تلك الأطراف وبشكل فوري إلى نبذ استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية.

4- يجدد تأكيده على وجهة نظره بان التوقيع والتنفيذ بأسرع ما يمكن لاتفاقية التسوية على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي تعتبر ضرورية لإحداث عملية منظمة وشاملة تقودها اليمن، وإذ ينوه إلى توقيع اتفاقية مجلس التعاون الخليجي من جهة أحزاب المعارضة وحزب المؤتمر الشعبي العام، فإنه يدعو كافة الأطراف في اليمن إلى إلزام أنفسهم بتنفيذ التسوية السياسية على أساس هذه المبادرة، كما ينوه إلى ضرورة الالتزام من قبل الرئيس اليمني (أو أولئك المخولين أو المفوضين للتصرف نيابة عنه) للتوقيع على مبادرة مجلس التعاون الخليجي بشكل فوري وإنجاز التسوية السياسية على أساسها، ويدعو إلى أن يترجم هذا الالتزام بشكل عملي، لكي يتحقق انتقال سياسي سلمي للسلطة بدون المزيد من التأخير.

5- يدعو المجلس السلطات اليمنية تقديم ضمانات مباشرة بأن تتمثل إجراءاتها بالتزامات [تعهدات] بموجب قوانين حقوق الإنسان والقانون الدولي الملزم تطبيقه، والسماح للشعب اليمني بممارسة حرياته الأساسية والحصول على حقوقه الإنسانية، بما في ذلك حقوقهم في التجمع السلمي للمطالبة بإنصافهم من المظالم وحريتهم في التعبير، ويشمل ذلك حرية أجهزة الإعلام، وكذا اتخاذ تدابير لإنهاء الهجمات التي تطال المدنين والأهداف المدنية عن طريق قوات الأمن التابعة لها.

6- يحث كافة حركات المعارضة التعهد [الالتزام] بلعب دور بناء وشامل في الاتفاقية وإنجاز التسوية السياسية على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي، كما ويدعو كافة حركات المعارضة الامتناع عن العنف، والتوقف عن استخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية.

7- يطالب المجلس بإزالة كافة المجاميع المسلحة وكافة الأسلحة من مناطق المظاهرات السلمية، والامتناع عن التحريض [الاستفزازات] والعنف، والتوقف عن الاستخدام غير القانوني للأطفال، كما ويحث جميع الأطراف على عدم استهداف البنية التحتية الحيوية.

8- يعرب المجلس عن قلقه بخصوص تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وعلى إصراره في مواجهة هذا التهديد وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بما في ذلك قوانين حقوق الإنسان الملزمة التطبيق، والقانون الإنساني واللاجئين.

9- يشجع المجلس المجتمع الدولي على تقديم المساعدات الإنسانية إلى اليمن، وبهذا الخصوص يدعو كافة الأطراف في اليمن إلى تسهيل عمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى ذات العلاقة.

10- يطلب المجلس من الأمين العام للأمم المتحدة مواصلة مساعيه الحميدة، بما في ذلك الزيارات المباشرة التي يقوم بها مستشاره الخاص، والاستمرار في حث جميع أصحاب المصلحة اليمنيين لتنفيذ بنود هذا القرار، وتشجيع كافة الدول والمؤسسات الإقليمية للمساهمة في هذا الهدف.

11- يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم تقرير حول تنفيذ هذه القرار خلال 30 يوما من تبنيه، وكل 60 يوما فيما بعد.

12- تقرر أن تبقى هذه القضية قيد النظر بشكل نشط.

رجلٌ غريب


 رجلٌ غريب !

خذي اعترافي إنني رجلٌ غريب

عينيَّ

 لو تدرين ما عينيّ .
عصفوران من الربيع
يحملان الشُهد والسوسن
قد طارا إلى فردوسك الخضرِ
دون أن أدري
فهل وصلا كما حلما
على كفيك ينتسما؟
هل اغتسلا على صدرك
 بنهرٍ ظامئٍ لهما؟
وهل لاقاهما نهداكِ والحَلمات تبتسما؟
هل وضعا على شفتيك قبلاتي؟
هل لَثما
شُهدك حتى
ذروة الثملِ؟
هل رقصا مع عينيك
هل رقصا
على شطي خديكِ
بلا تعبٍ ولا مللِ؟

يا مولاتي العظمى
 يا أملي ، ويا وجلي
هذي عصافيري بين كفيكِ
لطفاً بها
إنها مُقلي

ببهاء عينيكِ وسناء خديكِ
بوجهكِ النظرِ
بأحلامي على صدرك
بأريجك الفواح
بالنظرات والقبلِ
لا تُسهبِي اللومَ
فأنا هنا رجل غريب
أهذي مع نفسي 
حكاية الصمت الكئيب
حقاً أنا رجل غريب
هاكِ اعترافي
 إنني رجلٌ غريب .


عبدالله يحيى العلفي
21/10/2011

الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

المرأة والقمم العربية




بقلمفرانسوا باسيلي  (كاتب مصري- الولايات المتحدةfbasili@gmail.com )


يجتمع القادة العرب دائما دون ان تكون بينهم امرأة واحدة.
فقادة العرب اليوم كلهم رجال فى عصر رأينا فيه المرأة تتبوأ مكانها حاكمة وزعيمة لبلاد كثيرة..اسلامية وغربية وشرقية.. من بنازير بوتو فى الباكستان وانديرا غاندى فى الهند الى اوكينو فى الفلبين ومارغريت تاتشر فى بريطانيا.. هذا إذا تغاضينا.. لعدم الاحراج.. عن غولدا مائير فى اسرائيل. أما فى بلادنا العربية التى لا نكف فيها عن التشدق بالوضع المميز للمرأة فلن تجد لهذة المرأة وجودا فى أية قمة عربية منذ بدايتها والى اليوم.. هذا على الرغم من ان التاريخ العربى يحكى لنا عن عدد لا باس به من الملكات الحاكمات اللاتى كان لهن شأن ومجد.. بل قد تشعر بالخجل اذا رجعنا الى ما يزيد عن الثلاثة آلاف عام لنجد ان المرأة فى مصر القديمة كان لها شأن عظيم و انها كانت تقف الى جوار زوجها فى مساواة و عزة.. وانها تقلدت حكم مصر بنجاح عظيم.. من الملكة حتشبسوت الى الملكة كليوباترا.
بل يمكننا الرجوع الى عهد اكثر قربا هو القرن الثالث عشر الميلادى لنرى كيف ان "شجرة الدر" كانت ملكة عظيمة حكمت مصر كاخر ملوك الدولة الايوبية واول عهد سلاطين المماليك. و فى عهدها كان قد بدا زحف المغول من اواسط اسيا على البلاد الا سلامية للاستيلاء عليها واذلالها.. واستمر زحفهم حتى استولوا على الكثير من البلاد الاسلامية و توغلوا فيها يفتكون ويهتكون ويسفكون الدماء حتى اوشكوا ان يبلغوا حدود مصر بعد ان قطعوا اليها الالاف من الاميال.. ثم كانت هزيمتهم الساحقة الماحقة على يد الجيش المصرى فى موقعة عين جالوت بفلسطين بعد وفاة شجرة الدر بامد قليل فلم تقم لهم قائمة بعد هذة الهزيمة التى لم ينهزموا قبلها قط. وهكذا يسجل التاريخ لامرأة حكمت مصر انتصارات لم يحققها الكثير من الرجال.
هل يمكن ان تحقق المرأة العربية نتائج اسوا مما حققه الحكام العرب فى نصف القرن الاخير؟
اما آن الاوان ان تحضر “شجرة در“ جديدة احدى هذه القمم العربية؟

المرأة هي الحياة
كانت المرأة دائما وستظل هي الهاجس الاول للرجل، والموقدة الاولى لجذوة الحياة في نفسه وجسده معا. ولم يفهم الرجل المرأة أبدا, فهي في نظره دائما لغز بلا مفتاح, وربما كان هذا أحد جوانبها السحرية التي تشده اليها. ولأنه لا يفهمها , في نفس الوقت الذي هو أسير لها، فقد تطوح موقفه منها من النقيض للنقيض، فقد رآها ووضعها فوق قاعدة تمثال باعتبارها ملهمة وساحرة وحورية وأما للطبيعة وللكون والآلهة، وباعثة لعرائس الاحلام وللشعر والالهام والحب والجمال والخيال.
وفي النقيض الآخر، ولأنه لا يفهمها، راح ايضا يراها في صورة الشيطانة الماكرة صاحبة الكيد العظيم والاحاييل والاقاويل, ناصبة الشراك والفخاخ له ليسقط فيها, صانعة الغواية التي أخرجته من الجنة والنعيم وألقته على ارض التعب والدموع, وهي صانعة السحر الشريرة الشيطانية الالاعيب، القادرة على اسقاط أعتى الرجال وأعظم الاباطرة وأقوى القياصرة ليصبحوا خواتم في اصابعها بعد أن تسلبهم قوتهم كما فعلت دليلة بشمشون الجبار, وما هو سوى تكرار ابدي لما فعلته حواء بآدم.
وسلاح المرأة الذي يرعب الرجل ويرهبه هو جسدها, ذلك الكيان الفذ ذو القدرة اللامحدودة على الاغراء والغواية, وعلى اثارة أعمق وأشد المشاعر في الرجل, عاصفة بهدوئه وسلامة نفسه وقدرته على الانضباط, مثيرة فيه مشاعر التأجج والتوقد وباعثة فيه الرغبة في الحياة والبقاء.
انه سر دفين عجيب ذلك الذي يخفيه ويحتويه جسد المرأة فيحار ويذهل امامه الرجل ويتطوح في دفاعه عن نفسه امامه بين أقصى نقيضي العبادة والتقديس, واللعن والتحقير والعنف والتحجيم, في مسلسل لا ينتهي من المحاولات اليائسة للتحرر من سحر المرأة وسلطانها, والرغبة في السيطرة عليها وامتلاكها واخضاعها.
وقد لجأ الرجل على مر التاريخ الى موقفين أساسيين تجاه المرأة يعكسان موقفه تجاه الحياة. كان الموقف الاول – وهو الاكثر شيوعا- هو الموقف المعادي للمرأة المرتعب منها كتعبير عن رعبه من الحياة وخوفه من معاناتها. ويؤدي هذا الموقف المعادي (للمرأة – الحياة ) الى هروب الرجل من المرأة –الحياة عن طريق التوحد أو التدين المفرط أو الرهبنة لدى البعض, او الى المواجهة المرتعبة العنيفة ضد المرأة وشياطينها التي تتلبسها ومحاولة السيطرة عليها والحد من سطوتها بتجريدها من أسباب القوة وتكبيلها بقيود اجتماعية قبلية وتفسيرات متزمتة لنصوص دينية تحرمها بها من حقوق المساواة وتضعها في موضع سفلي ضعيف , ويكون ذلك عن طريق تشويهها نفسيا بوصفها بأنها شيطانة أو مخبولة أو ناقصة عقل أو عاطفية لا تملك التحكم في نفسها, وفي نفس الوقت عن طريق تشويه جسدها (الملعون) المليء بالشياطين بوصفه بأنه مبعث الخطيئة لدى الرجل وانه الاثارة مجسدة وانه الوعاء الفعلي لشرف الرجل، في نفس الوقت الذي هو – جسد المرأة – ليس سوى عورة لا تقع عليها عين الرجل الا ويسقط في الخطيئة ولذلك يجب تقميطه وحجبه عن العيون وحبسه داخل جدران البيوت اذا أمكن.
بينما كان الموقف الآخر هو موقف الرجال المحبين للحياة في شغف وقوة ولذلك كانوا دائما مقبلين على المرأة يرغبونها ويشغفون بها ويكتبون فيها الشعر ويغنون لها الاغاني ويسافرون لها قاطعين الوديان والجبال مقتحمين من أجلها الحصون والقلاع. كان هؤلاء هم فرسان الحياة وعشاقها من المغامرين والشعراء والفنانين والمبدعين والكتاب والمارقين الشجعان شذاذ الآفاق في كل مكان وزمان. هؤلاء رأوا في المرأة كل ما في الحياة من اثارة ودهشة وسحر وألغاز وغرائز وسمو وشموخ وبهاء وجمال باهر مثير لإرادة البقاء وحب الحياة.
وقد عبر هؤلاء عن موقفهم من المرأة – الحياة تعبيرا فنيا, اي استطاعوا أن يفجروا مشاعرهم المتلاطمة المتوهجة تجاه المرأة –الحياة في صورة ابداعات فنية في الكلمة والموسيقى والرقص والرسم والنحت والمسرح والسينما بل وفي الابداعات العلمية التي ما هي سوى تعبير آخر عن الفرح بالحياة والرغبة الطفولية الجميلة في فك اسرارها وامتلاك مكنوناتها المثيرة.
ولا شك أن هذا الموقف الثاني هو الذي استطاع أن يتخلص من الخوف البدائي القديم من المرأة ويحوله الى مشاركة مثيرة معها في صنع حضارة راقية بديعة.
ولا غرابة في أن المجتمعات التي ماتزال تنظر للمرأة تلك النظرة القديمة البدائية المرتعبة هي المجتمعات المتخلفة في كل شيء اليوم.
علاقة المرأة بالابداع الفني والعلمي وموقف الرجل –والمجتمع- من ذلك هو أمر بالغ الاهمية اذ هو أحد المفاتيح الاساسية لبوابات الحضارة. فما دامت المرأة هي الحياة، وما دامت هي ملهمة الابداع والمحفز عليه وما دام الفن هو لغة الرجل العاشق للحياة والمرأة ، يكون من المفهوم اذن معاداة السلفيين المتزمتين المتشددين دينيا للمرأة وللفن معا. فــ(الفن–الانثى) هو الوحش ذو الرأسين الاكثر ترهيبا وتخويفا للسلفيين المتزمتين ، فالسلفي – والمتشدد دينيا بشكل عام – يرهب الفن ويخافه بنفس درجة رهبته للحياة ورعبه من المرأة. وقد كان السلفي الكاثوليكي في العصور المظلمة باوروبا يرتعب من المرأة.. فنصب لها محاكم التفتيش واتهمها بالسحر والمروق والشعوذة والشيطنة وقام بحرق (شيطانها) – أي جسدها – الذي ترعبه فتنته وقوته وقدرته على ولادة الحياة بداخله.
والسلفي المتأسلم لديه نفس الرعب من المرأة ومن الفن الذي يستوحيها ويحاكيهاويتدله فيها، فالفن- الانثى هو الصورة الاثيرية الروحية للمرأة – الجسد، وكلاهما يحمل قوة خرافية يراها السلفي مهددة لسلطانه وسطوته, وفاضحة لعنفه وضعفه, وهو ما عبر عنه نزار قباني في مقطعه المدهش المندهش: (وكيف يهدد نهد – بسن الطفولة - أمن الرجال – وأمن السماء!!)
ولذلك ليس غريبا أن نقرأ أن نواب الاخوان المسلمين في مجلس الشعب المصري في دورة ماضية قاموا بتقديم مساءلات ومشروعات قوانين حول مسائل مثل منع مسابقات الجمال في شرم الشيخ لأنها تظهر جسد المرأة، أو منع عمل روائي أو سينمائي يقدم المرأة بشكل متحرر سواء كان نفسيا أو جسديا ، فالوحش ذو الرأسين – المرأة والفن – هو أول أولويات الفكر السلفي.
ذلك أن السيطرة الكاملة على هذا الوحش ذي الرأسين هي مدخل السلفيين دائما الى السيطرة على المجتمع كله, ولا سطوة ولا سيطرة لهم الا عن طريق السيطرة على المرأة والفن، أي على جسد الامة وروحها المبدعة. فالفن الجميل الحر, مثله مثل المرأة الجميلة الحرة, هو تحد مباشر وتهديد خطير لسيطرة السلفي على ألاخرين, اذ ان مجرد وجود الفن الحر, ومجرد وجود المرأةالحرة, هو تمرد على تزمت وأغلال التفسيرات النصية الجامدة لصالح المقاصد الانسانية الرحيمة الواسعة.
لذا يبدأ السلفيون دائما بالسيطرة التدريجية على المرأة عن طريق تقميطها بأقماط تكاد أن تكون هي الاقماط التي استعملها قدماء المصريين لحفظ مومياءاتهم، ولكن قدماء المصريين كانوا يقمطون الجثث الهامدة , بينما كان الاحياء من المصريين –رجالا ونساء – يتمتعون بحرية انسانية باهرة، وتدلنا الدراسات على أن وضع المراة المصرية في مصر القديمة كان متقدما جدا، وتظهرها الرسومات الفرعونية منتصبة شامخة في ملابس متحررة تعكس جمالا جسديا وروحيا في آن واحد، ونعرف أن الفتاة المصرية القديمة، في فجر الانسانية كانت تكتب أشعار الحب الجميلة المتحررة توددا وعشقا في حبيبها.. ولدينا ترجمات هذه الاشعار، كما نعرف أن المرأة المصرية حكمت مصر بنفسها ووحدها أكثر من مرة، كما فعلت الملك حتشبسوت العظيمة.
كان هذا كله قديما جدا.. أما اليوم فالسلفيون يقومون بتقميط المرأة الحية, لكي يتحول جسدها الى جسد هامد خامل يخجل من نفسه ويتوارى بنفسه "وبعوراته" عن ألآخرين, فتخمد فيه فورة الحياة وأشواقها وتأججها وبهجتها، وفي نفس الوقت الذي تموت في الرجل حاسة تذوق الجمال واستثارة الآمال ، وهي التي تبعثها المرأة الجميلة الحرة بمجرد وجودها وبفورية وتلقائية حاسمة وحميمة.
لأن المرأة هي الحياة تسير على الارض ستظل المجتمعات العربية التي تعادي المرأة وتكبلها بالقوانين والعادات البدانية والنظرة الدونية والسيطرة الوحشية ،ستظل مجتمعات متخلفة روحا وجسدا وفكرا وحضارة.

ـــ منقول شفاف الشرق الأوسط تأريخ السبت 8 مارس 2008


اليمن بحاجة إلى امرأة تقود السفينة بعد علي عبد الله صالح


الجميع يعلم كيف أثبتت المرأة اليمنية جدارتها السياسية والثقافية والعلمية والإدارية ، كما يعرف الجميع دورها الريادي والمقدام في مختلف فعاليات الحراك السياسي اليمني السلمي لشباب الحرية والتغيير.
أدهشت العالم أجمع بعشقها للسلام وسعيها للتغيير وكفاءتها في القيادة وإدارة الآخرين واستطاعت أن تحصد أهم الجوائز الدولية. فعلتها الكاتبة اليمنية أروى عثمان بحصولها على جائزة (المــانيرفا) لهذا العام. وهي جائزة دولية من ( الدرجــة الأولى ) تمنح للنساء والرجال المعنيين بإنتاج المعرفة والمتميزين في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية وإشاعة ثقافة الحوار والتعايش حول العالم. كما فعلتها الناشطة توكل كرمان بحصولها على جائزة نوبل للسلام. وبرغم الفرحة التي غمرت معظم اليمنيين بهذين الفوزين العظيمين. انتاب القوى التقليدية والأصولية المتطرفة مخاوف كبيرة فلعل هذا التألق يؤدي إلى اعتلاء المرأة على كرسي السلطة وهو الذي لا يمكن أن تتقبله القوى التقليدية على الأقل في الوقت الراهن . فبادرت بإعلان موقفها التكفيري للجوائز الدولية واعتبرت أنها تطبيع لليهود والنصارى وأنها (مؤامرة تدور على المرأة المسلمة لتتحرر من الدين ولتخرج من بيتها تزاحم الرجال وتخالطهم وتلاسنهم وتجادلهم ) وأن الذين منحوها إنما (يريدون للمرأة المسلمة أن تنزع حجابها ويقل حياؤها) .

أنا شخصياً مؤمن أن المرأة اليمنية اليوم أقوى من أن تنكسر أمام القوى التقليدية ، سيساندها الشعب كما ساند قبلها الملكة بلقيس والسيدة أروى بنت أحمد الصليحي في ظروف ليست أفضل من ظروفها المعاصرة.

عبدالله العلفي
18/10/2011

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

عارية تحت ضوء الشمس

تأليف : لبنى ياسين
لا شيءَ إلا هو وخيبته وعفونته في فضاءٍ يضيقُ بأنفاسه، يتكومُ فوقها، وتتكومُ فوقه بين جدران أربعة تتربصُ بأشلاءِ الفرح المترقب منذ سنين، يستنشقُ العفن الذي يفوحُ من أوردته فيزداد اختناقاً، وتطالعه النافذة الوحيدة في غرفته المغلقة بإحكامٍ لتقفَ في وجه أي شعاعٍ هاربٍ من الشمس يحاولُ التسلل نحوه بأسئلةٍ عقيمة لا رغبة لديه في الإجابة عنها.
حتى سريره اكتسحته رائحة الرطوبة، وملمس العفونة الخشن، ولون الظلام حين يفرش عباءة اليأس فوق جسد منهك من كل شيء .. حتى أنفاسه.
                                                                    
هناك ألم شديد في رأسه يشبه ألم المخاض عندما يلمُّ برحمٍ يوشك أن يلفظ الكائن الذي يحتويه، يشعر أن شيئاً ما يوشكُ أن يولدَ من رأسه، ربما كان عقله يريدُ أن يهربَ من عفونة الأنفاس التي تحملُ له الهواء الرطب المثقل باليأس .
لا شيء يسكنُ أوجاعَ المخاض اللعينة ، ودماغه يغلي معلناً نيته بالانفجار في أي لحظة، واللونُ الأسودُ يكتسح كل شيء فيه، بينما الظلام يتقاتل مع حواسه ويحرقه وجعاً .
يلعنُ كل شيءٍ في سرِّه، ويغازلُ الموتَ لعلـَّه يقبلُ في حلةٍ زاهية فينتشله مما هو فيه، وعندما يلتفتُ حوله مترقباً قدومه يجدُ نفسَه محاطاً بالعفن والظلام، ولا شيءَ غيرهما منذ سنين .
يباغته فجأة إحساس بوجود شخص آخر في فضاء الغرفة، بالأحرى عينين ترقبانه هما ما يدفعه للإحساس بوجودِ شخصٍ آخرَ على يمينه تماماً، يستدير ببطء وقد شلـَّه الخوفُ، فيقعُ نظره عليها، تقفُ بكامل فتنتها وجمالها عاريةً تماماً أمامَ عينيه، تتحدى صبره ووجعه، ينتابه الفزع من ظهورها هكذا فجأة دون مقدمات في فضاء غرفة لم تعتدْ أنفاس غيره، إلا أن حواسه تتخدرُ شيئاً فشيئاً أمام هذا الجمال العاري الواقفِ أمامه دون خجل.
ينظرُ إليها فتبادره : هيا قــمْ وارتدِ ثيابك لنخرج من هنا.
يديرُ رأسه للجهة الأخرى، يفركُ عينيه لعله يمحو هلوسات اليأس التي تنتابه في تلك اللحظات، ويعودُ ويستديرُ رويداً باتجاهها، فيراها كما رآها أول مرة، الفتنة ذاتها، والتحدي نفسه، إذنْ فهي ليستْ وهماً! ولا هلوسة رجلٍ يائسٍ، إنها موجودة حقاً، كل هذا الجمال يقف هنا عارياً في غرفة كل ما فيها يشي بالقبح، حتى صاحبها، ويدركُ فجأة أن الصداع الذي مزقه منذ قليل لم يبقَ منه أي أثر، كأنه كان مجردَ وهمٍ ألمّ به .
يتفرَّسُ بها عله يتعرف على ملامحها، من أين جاءتْ ؟ كيف دخلتْ إلى هنا برائحتها المنعشة، وبياضها الفاسق ؟ تكادُ تكون النقيض لكل ما ألفه من أشكال وروائح .
تمدُّ يد الغواية نحوه، تريدُ أن تنتشله من عالمه هذا إلى الخارج، تمسكُ بتلابيبه، فيستغلُ قربها منه ويحاولُ شدَّها إليه ليذوبَ في حضنِ دفئها، يريدُ أن يحبسها في غرفته ويمنعها من الخروج، فتشدُّ نفسها وتحرر جسدها الدافئ من قبضته بقوة هائلة، تتغلبُ عليه بسهولة فائقة فيتراجع أمامها مخذولاً بخيبته، تحدثه نفسه باستغراب:
يا الله .. من أين لهذا الجمال الفاتن الذي يطغى على أنفاسي بكل هذه القوة ؟
تعودُ وتمسكُ بيده، كأنها تمارسُ معه لعبة الغواية الأزلية فتزيده احتراقاُ، تهمسُ في أذنه:
قم لنخرجْ من هذا القبر العفن، فمكانك ليس هنا.
ينظرُ إلى ذلك القدِّ الساحرِ الواقفِ أمامه عارضاً فتنته بكل ابتذال، وتلك الثقة المدهشة التي ترتديها دون أي شيءٍ غيرها، وتدهشه المفارقة الغريبة..في كونها تطلب منه أن يرتدي ثيابه للخروج، وهي عارية تماماً، كأنها لا تدركُ ذلك، يفكرُ في نفسه :
لن أتمكنَ من حبسها بالقوة، فعلي بالحيلة إذن.
يبادرها قائلاً:
ما لك وللخروج الآن تحت ضوء الشمس وحرارتها؟ الشمس تحرق وجه الكون، فلمَ تسمحين لها بشيِّ هذا الجمال الأخاذ؟! لننتظر حتى المساء.
تنظرُ إليه نظرة ملؤها الشفقة وترد: يا لك من بائسٍ ، هل رأيتَ العصافير يوماً تطيرُ في المساء ؟ العصافير لا تمدُّ جناحيها إلا لتحتفي بالشمس ، وحدها الخفافيش تعانق الظلام وتحتفي بالسواد .
تشدُّ الستارة القاتمة عن نافذته بقوة فتسقط الستارة على الأرض جثةً هامدةً، ويتطايرُ غبارُ المللِ المتراكم فوقها، وتتمزقُ خيوط العناكب التي نُسجتْ بين الحوافّ التالفة، وتندفعُ الشمس إلى الداخل كما لو كانت طوفاناً، تقتلعه من نفسه، فيستديرُ واهباً ظهره لضوء الشمس، مستقبلاً بوجهه بقايا الظلام الهارب إلى لا مكان .
تضيفُ بلهجةٍ آمرة:
استدرْ باتجاه الشمس أيها المعتوه، اغتسلْ بالضوءِ القادمِ نحوك، افتحْ قلبك للدفء لعلك تتخلص من رائحة العفن التي تسكنُ جلدك .
يرتجفُ صوته - هو الذي يواجه الشمس لأولِ مرةٍ منذ سنين- مستخدماً حيلته الأخيرة، ويقولُ وقد تغلغلتْ فتنتها في عروقه فبثتْ به رغبة جامحة لامتلاكها، ولضمِّها إلى صدره بقوة، وإلقاء رأسه في حضنها لتعبثَ بخصلات شعره كما كانت تفعل أمه :
دعينا أولاً نحتسي فنجاناً من الشاي ، ونتحدث قليلاً .
إلا أنها تتجاهلُ دعوته بوقاحة وترد : لنخرج الآن حالاً ، وإلا سأخرج وحدي، أكادُ أتقيأ من رائحة العفن المنبعثة من الجدران .
يستبدُّ به غضبٌ فاجر، ينظرُ إليها وفي نيته إجبارها على البقاء، فترميه بنظرة متحدية، وبنبرة مستفزة تشير بسبابةٍ بيضاء تطعنُ الفراغ إلى الباب قائلة: الآن.
فجأة يشعرُ بالبرد، يرتجفُ من قمةِ رأسه إلى أخمصِ قدميه، يمزقه الغضبُ فيصرخ بها:
لن أخرجَ في الشمس أيتها الغبية، لن أحرقَ نفسي وهي تسكبُ غيها فوق رأسي, لا من أجلك، ولا من أجل أي شيء آخر...هل فهمت؟
تردُّ بتحدٍ: حسناً .. ابقَ إذن مع عفنك لعلك تندفن فيه، دع العفونة ترشحُ من جلدك ومن عينيك، مُتْ بها أيها الغبي، فأنت تستحقُ ميتة مثل هذه ، أنا خارجة من هنا، ولن أعود .
يركعُ على ركبته أمامها، وبصوتٍ ملؤه الرجاء يصرخ: أرجوك.. لا تغادري .. ابقيْ معي قليلاً .
ترد: ألا تفهمُ يا هذا؟! هذا منزلٌ للموتِ وليس للحياة .. مكانٌ كهذا لا يليق بي .. ولا بك ، اخرجْ من بؤرة الظلام ، لماذا تستسلم للموت ؟
تجذبه فتنتها أكثر، تغويه ، تقلبُ مشاعره على نار الشوق فتقتربُ من الاستواء، يشعرُ بحاجةٍ لفعلِ شيءٍ لم يقمْ به منذ زمنٍ بعيد، يمسكُ بها فتحاولُ أن تشدَّه نحو الباب، ويحاولُ أن يدفعها بعيداً عنه فلا يفلح، يحاولُ تطويقها ليتمكنَ من منعها من الخروج بالقوة، تحتضنها حواسه كلها دفعة واحدة، يعاني من طقوسِ شيءٍ ما في داخله، كأنما هي حواسه تستيقظُ دفعة واحدة، يدقُّ قلبه بقوة، ويستجيبُ جلده لملمس بشرتها اللينة الدافئة، يختنقُ بعبراته وهو يصرخُ بها:" لا تغادري"، إلا أنها تخلصُ نفسها منه بسهولة كما لو كان مجردَ حشرةٍ تسلقتْ قدمها، تنسابُ من بين أصابعه كما لو كانتْ حفنة ماء، تركضُ باتجاه الباب، ينظرُ إليها ، يصرخُ بها : مجنونةٌ أنتِ!! ..على الأقل ضعي شيئاً عليك استري سوأتك به ! هل ستسيرين عاريةً بين الناس؟! .
تصوبُ عينيها نحوه بنظرة تتحولُ الشفقة الناطقة منها إلى سكينٍ تقطعٌ أوردته وتجيب :
أيها المسكين ..لا سوأةَ لي كي أخفيها ، تولدُ الفكرةُ لتمشي عاريةً بين الناس، وتعانقَ أحلامهم .

من المجموعة القصصية الخامسة للكاتبة "سيرا على أقدام نازفة".

  لبنى ياسين
كاتبة وصحفية سورية
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو فخري في جمعية الكاتبات المصريات

السبت، 8 أكتوبر 2011

حروف ذهبية تعانقها الأمواج



كلما جالت أحداقي بين حروفك العبقة يتناهي إلى مسامعي صوت الأمواج وهي
تتكسر على الشاطئ ثم تعود إلى الداخل تُحدث عن جمال الرمال التي استلقت
عليها .
فإذا بالموجات الأخرى تسابق بعضها بعضاً لتستلقي على رمالك الذهبية.

عبدالله يحيى العلفي
8/10/2011