السبت، 10 مارس 2012

هل طاح ميزان العدالة ؟


بقلم : عبدالله يحيى العلفي

في البداية كان عدد القضاة قليل ممن خرجوا للمطالبة بإقالة مسئولين فاسدين في السلك القضائي ، وإجراء إصلاحات جوهرية في النظام الإداري والمالي يحد من الفساد ويضمن الشفافية والمساواة في قرارات التعيين..

واليوم أعلن القضاة ـ من خلال منتداهم ـ الإضراب المفتوح، وإغلاق جميع محاكم الجمهورية،  حتى تقر الحكومة الموازنة الجديدة التي تقدم بها مجلس القضاء الأعلى ، ولم توافق عليها.

الجدير بالذكر أن مرتبات القضاة هي أعلى مرتبات الدولة إذ لا يقل الحد الأدنى لمرتب القاضي المبتدئ عن 120 ألف ريال ويصل الى اكثر من 300 الف ريال للدرجات القضائية العليا ، بالاضافة الى مستحقات اخرى مثل بدل السكن الذي لا يقل عن 25 الف ريال للقاضي.. 


لا شك ان القضاة يستحقون ضعف ما يتقاضونه مقابل جهودهم النبيلة في ترسيخ العدالة واستقامة النظام والقانون ، كما يحتاج كل موظفي الدولة بدون استثناء لرفع مرتباتهم الشهرية والمكافئات التحفيزية الأخرى بالقدر الذي يستطيع الموظف مواجهة غلاء المعيشة وتلبية احتياجاته الضرورية ، وبالتالي القيام بواجبه الخالص في الوظيفة العام . إلا أننا ندرك أن اليمن اليوم تمر بأزمة اقتصادية خطيرة ، و الحكومة تحتاج الى فرصة لمعالجة الكثير من المشكلات العالقة وترميم الكثير من الأضرار التي خلفتها أزمة 2011 ، حتى تستقر الأوضاع ويتحسن الاقتصاد الوطني وتتمكن الدولة من تحسين معيشة الموظف سواء كان قاضي أو عسكري أو موظف مدني ، بالقدر الذي يلائم طبيعة العمل والدرجة الوظيفة .. والمفترض ان يكون القضاة في مقدمة الصفوف الوطنية الداعمة لتوجهات الحكومة ، والمقدرة للمرحلة الصعبة التي تمر بها اليمن وذلك لعدة اعتبارات اهمها ما يلي:
1ـ مرتبات القضاة افضل من مرتبات غيرهم بكثير ، ولا وجه للمقارنة بينهم وبين اي موظف في مؤسسات الدولة غير القضائية..
2ـ القضاة هم حكام المجتمع والقدوة الحسنة للناس ، واضرابهم من اجل رفع مرتباتهم في هذه الظروف يمنح الحق للموظفين الاقل معاشاً في الدولة (مدنيين وعسكريين) بايقاف العمل وإغلاق المؤسسات الأمنية والخدمية والإنتاجية حتى يتم رفع رواتبهم واعتماد بدل طبيعة عمل لهم أسوة بالقضاة.
3ـ رجال العدل في سلك القضاء يدركون أن العدالة تقتضي أن الناس سواسية ، لا أحد أفضل من أحد ، فكما أن المواطن بحاجة للقاضي لينصفه ، كذلك القاضي بحاجة لرجل الأمن وللمدرس وللطبيب ولعامل البلدية .. لتلبية احتياجاته، وقد شهدنا الكارثة البيئة الناجمة عن إضراب عمال البلدية في العاصمة وتأثيرها على حياة السكان بدون استثناء . ولو قرر جميع موظفي الدولة (مدنيين وعسكريين ورجال امن وعمال) الإضراب عن العمل وإغلاق مؤسسات الدولة حتى يتم رفع مرتباتهم أسوة بالقضاة، من أين ستواجه الحكومة كل المطالب المشروعة في هذه الظروف الصعبة
4ـ القضاة هم جزء من الشعب عليهم واجبات وطنية كما على غيرهم، ولا شك أن أعظم الواجبات وأكثرها سمواً المشاركة مع شرائح المجتمع الأخرى في مواجهة التحديات الوطنية الكبيرة ، ولا أعتقد أن القاضي يرضى على نفسه أن يكون أقل ولاءً للوطن من غيره في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة من تاريخ اليمن ليأبى الصبر عام أو عامين من حياته العملية حتى تتحسن الأوضاع لجميع المواطنين.

في الأخير أتمنى أن يتذكر القضاة بأن الحكومة في وضع حرج للغاية ، فاعتمادها للزيادة التي يطالبها القضاة على موازنة وزارة العدل سيفتح كل الأبواب لكل موظفي الدولة للمطالبة برفع مرتباتهم، والحكومة رغم اعترافها بمشروعية المطالب إلا أنها تمر بمرحلة تضعها أمام أولويات ينبغي مواجهتها لتستقر الأوضاع . وإمكانيات الدولة محدودة جداً والخزينة لا تفي بتلبية جميع المطالب ، وعلينا كمواطنين صالحين تقدير ذلك حباً لهذا الوطن الذي يستحق أن نفديه أرواحنا
إنه عار كل العار على المواطن (قاضي أو جندي) ان يستغل الأزمة التي تعصف بالوطن للي ذراع الحكومة والضغط عليها من أجل تلبية مطالبه..

عبدالله يحيى العلفي
10/3/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق