بقلم عبدالله يحيى العلفي
ثمة حقيقة تقول أن سر نهضة الأمم وشموخ الحضارات يكمن في بناء الأجيال الناشئة على الأخلاق الحميدة والمعارف العلمية المتجددة. ولذلك ما من ثورة قامت بنجاح دون أن يكون تطوير وتعميم التعليم أحد أهدافها الأساسية. وكانت الثورة المحمدية (التي أخرجت الناس من الجهل إلى الهدى) قد بدأت بالحث على القراءة في قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) ، كما حفزت على طلب العلم في أكثر من آية قرآنية مثل قوله تعالى (هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون) ، وقوله (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ، وفي أكثر من حديث نبوي ورد ما يحث على طلب العلم كقوله صلى الله عليه وسلم (أطلبوا العلم ولو في الصين).
بناء على هذه المقدمة أقول : قد نتفق جدلاً أن النظام الحاكم كان طوال فترة حكمه سبباً رئيساً في ضعف التعليم وهو ذنب ينبغي ألا نتجاهله. إلا أن ذلك لا يبرر أبداً أن ترتكب الثورة ذنباً أشد قسوة من السابق بوقف التعليم تماماً .
دعونا نعترف وفاءً للوطن أن ثورتنا الشبابية ارتكبت خطأً فادحاً حينما عملت على حرمان الطلاب من التعليم خلال الترم الثاني من العام الدراسي المنصرم سواء بتحريض المدرسين المنضمين إليها على عدم القيام بواجبهم المهني ، أو بمنع الدراسة في بعض المدارس والكليات الجامعية التي وقعت تحت سيطرتها. ولنعمل معاً على عدم تكرار الأخطاء . خاصة ونحن نستقبل عام دراسي جديد . فلا أظن من الحكمة بمكان أن نمنع أبنائنا عن التعليم هذا العام أيضا. بل إن من الغباء أن يعتقد البعض بأن حرمان الأبناء من مواصلة الدراسة سيعجّل نجاح الثورة أو يسهل إسقاط النظام . ليس من العدالة أن يكون أبنائنا الطلاب أول من يلقى عليهم العقاب من قبل الثورة بفرض التوقف عن الدراسة إلى أن يسقط النظام. عقوبة مجحفة على أطفال أبرياء ليس ذنبهم سوى أنهم ولدوا في زمن يشترط أن يكونوا على درجة متخصصة من المعرفة العلمية . لا تظلموا الأبناء باسم اسقاط النظام طالما التعليم لا يعيق الثورة بأي حال من الأحوال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق