الثلاثاء، 26 يوليو 2011

لا غالب ولا مغلوب


بقلم عبدالله يحيى العلفي

يقول عبد الرحمن بن خلدون "اعلم أن فن التاريخ فن عزيز المذهب جم الفوائد شريف الغاية إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم والأنبياء في سيرهم والملوك في دولهم وسياستهم حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا"  من هذا المنطلق نجد تأريخ اليمن المعاصر (وبالتحديد منذ قيام ثورة سبتمبر حتى يومنا هذا) يضعنا أمام حقائق ينبغي أخذها بعين الاعتبار إذا ما أرادنا ولوج عهد جديد يسوده الأمن والتقدم والازدهار ... فثورة 1962 لم تنجح إلا بعد أن تصالح الجمهوريين والملكيين عام 1970 وإشراك الأخير في الحكم والذي بموجبه أصبح أحمد محمد الشامي وزير خارجية الملكيين عضواً في مجلس رئاسة الجمهورية وانضمت قطاعات الجيش الملكي  إلى الجيش الجمهوري بلا رجعة ... كما أن حروب المناطق الوسطى في اليمن بين القوى اليسارية (الجبهة الوطنية الديمقراطية ) والقوى المحافظة ( الأنظمة الحاكمة ) والتي اندلعت عام 1968 لم تتوقف إلا عام 1982بعد أن توصل الطرفان إلى اتفاق ينص على إطلاق سراح المعتقلين من أعضاء الجبهة ومشاركة أعضاء الجبهة في أجهزة السلطة العليا والمحلية ... ولم تتوقف الصراعات بين الشطرين الشمالي والجنوبي من اليمن إلا بالحوار والتقارب في وجهات النظر حتى تحققت الوحدة الوطنية عام 1990م . ولم ولن يستقر اليمن من مغبات حرب 1994م ما لم يتصالح شركاء الوحدة . ولم تنجح الحروب الستة في القضاء على الحوثية حتى يومنا هذا .
تأريخٌ حافل بالمتغيرات لعل أهم دروسه أن نظرية (أنا الغالب والآخر مغلوب) ليس لها محل حقيقي في الواقع وأن منهج الإقصاء والتخلص من الآخر لن يجدي لبناء يمن جديد مستقر مهما كانت الأسباب والدواعي، والعنف لن يولد إلا مزيداً من العنف ... ولا سبيل لنجاح ثورة التغيير الفتية ما لم تدخل من بوابة التصالح والحوار الشاملين لينتقل الوطن إلى عهد  يسوده التعايش السلمي المتكافئ والعادل ، لا عداء فيه على أحد .
إن ضبط النفس والاستعداد لأن يفهم كل صديق صديقه من خلال الحوار بصدور مفتوحة تغلب المصلحة الوطنية، ورفض اللجوء إلى العنف المعنوي والمادي، كل ذلك يتجاوب والمصالح الوطنية للشعب ومصالح جميع القوى السياسية الرشيدة في المجتمع اليمني على أساس أن الكل شركاء في الوطن والشعب يحكم الجميع من خلال صناديق الانتخابات.

عبدالله يحيى العلفي
    25/7/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق